بتر ناتج عن التعذيب على ما يبدو في العراق
مساءلة الشرطة والتحقيق ضروريان
(عمان) قالت “منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية” اليوم إن بتر ذراع أحد المحتجزين في أوائل 2019 بعد تعذيب في أحد مراكز شرطة بغداد، على ما يبدو، يبرز المخاوف المتزايدة بشأن سوء المعاملة في سجون العراق.
قال شقيق المحتجز المذكور إنّ المحكمة تجاهلت شكوى الضحية أثناء محاكمته، وإنّ زوجته التي تقدّمت بشكوى إلى الهيئة المشرفة على السلوك القضائي لم تلقَ أي رد. أضاف الأخ أنّ مطالبته بإجراء تحقيق أدّت إلى نقل عنصر الشرطة إلى مركز آخر، لكن لم تُتّخذ بحقّه إجراءات تأديبية. على السلطات القضائية التحقيق في القضية، وتحديد المسؤول، ومعاقبة الضباط المعتدين، والتعويض على الضحية.
قال طارق الصفراني ، مدير عام الدائرة العربية في منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية. “يشكّل فقدان محتجز لذراعه بسبب التعذيب في الاحتجاز علامة أخرى على وجود شوائب فاضحة في مراكز الاحتجاز العراقية. على الحكومة أن تأخذ حقوق المحتجزين جديا، وأن تبدأ بحمايتهم عبر التحقيق في الانتهاكات”.
وجدت منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية أن القضاة العراقيين عادة ما لا يُحققون في مزاعم ذات مصداقية بالتعذيب، على الرغم من التقارير الموثوقة الواسعة حول التعذيب أثناء الاحتجاز. وثقت منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربيةالعديد من مزاعم التعذيب في العراق، في حالتين على الأقل أدتا إلى الوفاة أثناء الاحتجاز منذ يناير/كانون الثاني 2018.
قال رجل طلب عدم الكشف عن هويته لحماية نفسه وأسرته لمنظمة حقوق الإنسان الأوربية العربيةإن أحد معارف أخيه (40 عاما) زعم أنّ الأخ شريك في سرقة سيارة. اعتقلت الشرطة الشاب في أواخر مارس/آذار 2018. بعد أسبوع، زاره أخوه في مركز شرطة الحارثية. قال الشقيق المسجون الذي كشف عن كدماته لأخيه إنّ المحقق “علّقه من يديه لمدة 3 أيام” أثناء استجواب مطول لانتزاع اعتراف منه.
خضع الشقيق المسجون لفحص طبي شرعي في مايو/أيار 2018. حصلت هيومن رايتس ووتش على نسخة من التقرير الذي ذكر كدمات وتورما في يده وذراعه اليسرى حتى كتفه، وتضمّن توصية بمقابلة متخصص في العظام والكسور.
لم يتلقَ الأخ علاجا طبيا حتى يوليو/تموز، عندما نقلته الشرطة إلى مستشفى اليرموك في بغداد. قال الرجل إنه سُمح له بمرافقة أخيه، وسمع طبيبا يخبر العنصر الذي يحرس أخاه أن الأخ قد تعرض للتعذيب، لكنّ العنصر أنكر ذلك. أجرى الأطباء عمليات جراحية على ذراعه 3 مرات خلال الأشهر العشرة التي تلت، في محاولة غير ناجحة لإصلاح الأضرار الشريانية. في أبريل/نيسان 2019، قال الرجل إن ضباطا أخذوا أخاه إلى مستشفى الشهيد غازي الحريري في بغداد، حيث بتر الأطباء ذراعه ثم أعادوه إلى عهدة الشرطة.
في ديسمبر/كانون الأول 2018، اتصل الأخ الذي تحدث إلى منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية باللواء حسين علي دانه، رئيس “مديرية تفتيش بغداد” في وزارة الداخلية آنذاك، للمطالبة بالتحقيق في الإساءات التي تعرض لها أخوه. قال إن دانه أرسل فريقا للتحقيق، وأخبر الرجل في وقت لاحق أنه أمر بنقل العنصر الذي اتهمه شقيقه المسجون إلى مركز شرطة آخر في بغداد، لكنه لم يتخذ أي إجراء تأديبي آخر. اتصلت هيومن رايتس ووتش بالرئيس الحالي للمديرية، الذي قال إنه بدون التاريخ المحدد لشكوى ديسمبر/كانون الأول، لا يمكن للمكتب تقديم أي معلومات عن التحقيق.
في يناير/كانون الثاني 2019، تقدمت زوجة الشقيق المسجون بشكوى إلى “رئاسة هيئة الإشراف القضائي”، التي تراقب سلوك القضاة والموظفين في جميع المحاكم العراقية، لأن زوجها أخبرها أنه في أواخر 2018 أجبره قاضٍ على التوقيع على إفادة تسقط حقه في متابعة التهم الموجهة إلى العنصر الذي عذّبه. قالت لمنظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية إنها لم تتلقَى أي ردّ بعد. في 25 يونيو/حزيران، أخبر رئيس هيئة الإشراف القضائي القاضي جاسم العميري منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية أن فريقا كان قد حقق في الادعاء دون أن يجد أي دليل يدعمه، وأنه لا يمكنه تزويد منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربيةبأي من الوثائق المرتبطة بالتحقيق.
أنه ملتزم بمتابعة القضية، وأنه أطلق بالفعل تحقيقا فيها ولكن حتى وقت نشر هذا البيان لم يكن قد زوّد المنظمة أو الأسرة بأي نتائج.
في 14 أبريل/نيسان، وجدت المحكمة أن الشقيق المسجون مذنب بسرقة سيارة وحكمت عليه وعلى 5 مدعى عليهم آخرين بالسجن 15 عاما. في المحاكمة، قالت زوجته، إنها سمعته يخبر القاضي أن المحقق عذبه، ما أدى إلى بتر ذراعه، لكن القاضي تجاهل الادعاء. ما يزال حاليا محتجزا في مركز شرطة الحارثية.
قالت منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية إن على “مجلس القضاء الأعلى” في العراق، الذي يدير ويشرف على شؤون القضاء الاتحادي، إصدار مبادئ توجيهية بشأن الخطوات التي على القضاة اتخاذها عندما يزعم مدعى عليه تعرضه للتعذيب. على القضاة التحقيق في جميع مزاعم التعذيب ذي مصداقية ومعاقبة قوات الأمن المسؤولين، والأمر بنقل المعتقلين إلى مرافق مختلفة فور ادعائهم التعذيب أو سوء المعاملة لحمايتهم من الانتقام. عليهم أن يحاكموا أي شخص ضده أدلة موثوقة على تورطه في التعذيب.
وقال الصفراني: “سلطات القضاء، وإنفاذ القانون، والسجون العراقية مدينة لجميع العراقيين بالتزامها بالتحقيق في كل المزاعم الموثوقة بالمعاملة القاسية. لا يجوز أن يتكرّر ما حدث لهذا المحتجز مع أي شخص في عهدة الحكومة”.