حقوق المعتقلين
في سياق النقاش القانوني الذي تفجر في الآونة الأخيرة حول مدى قانونية الاعتقالات التي تستهدف النشطاء وحول معاملة رجال الشرطة للمعتقلين بعد القاء القبض عليهم في مراكز الشرطة أو في أماكن الاعتقال وحول اجراءات التحقيق الذي تباشرها الأجهزة الامنية تحت اشراف النيابة العامة المختصة أصبح من اللازم تسليط الضوء على مسألة حماية حقوق المعتقلين أثناء مرحلة التحقيق وفق ما تنص عليه التشريعات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان في هذا المجال مادام أن أغلب الدول قد صادقت عليها ومادام أنها ملزمة دوليا بالعمل على احترام الحقوق والحريات المخولة للمعتقلين خلال مراحل التحقيق بموجبها.
الاسئلة الشائعة
55- يجب أن يكون هناك تفتيش منتظم لمؤسسات السجون وخدماتها، يكلف به مفتشون مؤهلون ذو خبرة تعينهم سلطة مختصة. وعلى هؤلاء المفتشين بوجه خاص واجب الاستيقان من كون هذه المؤسسات تدار طبقا للقوانين والأنظمة وعلى قصد تحقيق أهداف الخدمات التأديبية والإصلاحية.
56- تهدف المبادئ التوجيهية التالية إلى تبيان الروح التي ينبغي أن يؤخذ بها في إدارة السجون والأهداف التي يجب أن تسعى إليها، طبقـا للبيان الوارد في الملاحظة التمهيدية رقم 1 من هذا النص.
57- إن الحبس وغيره من التدابير الآيلة إلى عزل المجرم عن العالم الخارجي تدابير مؤسسية بذات كونها تسلب الفرد حق التصرف بشخصه بحرمانه من حريته. ولذلك لا ينبغي لنظام السجون، إلا في حدود مبررات العزل أو الحفاظ على الانضباط، أن يفاقم من الآلام الملازمة لمثل هذه الحال.
58- والهدف الذي يبرر عقوبة الحبس وغيرها من تدابير الحرمان من الحرية هو في نهاية المطاف حماية المجتمع من الجريمة. ولا سبيل إلى بلوغ مثل هذا الهدف إلا إذا استخدمت فترة الحبس للوصول، حتى أقصى مدى مستطاع، إلى جعل المجرم وهو يعود إلى المجتمع لا راغبا في العيش في ظل احترام القانون وتدبر احتياجاته بجهده فحسب، بل قادرا أيضـا على ذلك.
59- وطلبـا لهذه الغاية، ينبغي لنظام السجون أن يستعين بجميع الوسائل الإصلاحية والتعليمية والأخلاقية والروحية وغيرها وبجميع طاقات وأشكال المساعدة المناسبة المتاحة له، ساعيا إلى تطبيقها على هدى مقتضيات العلاج الفردي للسجناء.
60- (1) ينبغي إذن لنظام السجون أن يلتمس السبل إلى تقليص الفوارق التي يمكن أن تقوم بين حياة السجن والحياة الحرة، والتي من شأنها أن تهبط بحس المسؤولية لدى السجناء أو بالاحترام الواجب لكرامتهم البشرية.
(2) ومن المستحسن أن يعمد، قبل انتهاء مدة العقوبة، إلى اتخاذا التدابير الضرورية لكي تضمن للسجين عودة تدريجية إلى الحياة في المجتمع، وهذا هدف يمكن بلوغه، تبعـا للحالة، من خلال مرحلة تمهد لإطلاق سراح السجين تنظم في السجن نفسه أو في مؤسسة أخرى ملائمة، أو من خلال إطلاق سراح تحت التجربة مع إخضاعه لضرب من الإشراف والرقابة ولا يجوز أن يعهد به إلى الشرطة بل ينبغي أن يشتمل على مساعدة اجتماعية فعالة.
61- ولا ينبغي، في معالجة السجناء، أن يكون التركيز على إقصائهم عن المجتمع، بل -على نقيض ذلك- على كونهم يظلون جزءا منه. وعلى هذا الهدف ينبغي اللجوء، بقدر المستطاع، إلى المؤازرة التي يمكن أن توفرها هيئات المجتمع المحلى لمساعدة جهاز موظفي السجن على إعادة التأهيل الاجتماعي للسجناء. ويجب أن يكون هناك مساعدون اجتماعيون يتعاونون مع كل مؤسسة احتجاز وتناط بهم مهمة إدامة وتحسين كل صلات السجين المستصوبة بأسرته وبالمنظمات الاجتماعية الجزيلة الفائدة. كما يجب أن تتخذ، إلى أقصى الحدود المتفقة مع القانون ومع طبيعة العقوبة، تدابير لحماية ما للسجين من حقوق تتصل بمصالحه المدنية وبتمتعه بالضمان الاجتماعي وغير ذلك من المزايا الاجتماعية.
62- وعلى الخدمات الطبية في مؤسسة السجن أن تحاول رصد أي علل أو أمراض جسدية أو عقلية لدى السجين، وأن تعالجها حتى لا تكون عقبة دون إعادة تأهيله. ويجب، على هذا الهدف، أن توفر للسجين جميع الخدمات الطبية والجراحية والنفسانية الضرورية.
63- (1) إن الإنفاذ الكامل لهذه المبادئ يتطلب إفرادية المعالجة، وبالتالي يقتضي الأخذ بنظام مرن لتصنيف السجناء في فئات. وعلى ذلك يستصوب أن توزع هذه الفئات على مؤسسات منفصلة تستطيع كل فئة أن تجد فيها العلاج الذي يناسبها.
(2) وليس من الضروري أن يتوفر في كل مؤسسة نفس القدر من متطلبات الأمن بالنسبة لكل فئة، بل إن من المستصوب أن تتفاوت درجات هذا الأمن تبعا لاحتياجات مختلف الفئات. والسجون المفتوحة الأبواب، بسب كونها لا تقيم حواجز أمن مادية تحول دون الهرب، بل تعتمد في ذلك علي انضباط السجين نفسه، توفر، في حالة انتقاء السجناء المرشحين لهذه التجربة بعناية، أفضل الظروف مواتاة لإعادة تأهيلهم.
(3) ويستصوب، في حالة السجون المغلقة الأبواب، ألا يكون عدد المسجونين في كل منها من الكثرة بحيث يعرقل افرادية المعالجة. والرأي في بعض البلدان أنه لا ينبغي لهذا العدد في السجون المذكورة أن يتجاوز الخمسمائة أما في السجون المفتوحة الأبواب فيجب أن يكون عدد المسجونين صغيرا بقدر المستطاع.
(4) لى أنه ليس من المستصوب إقامة سجون تكون من فرط ضالة الحجم بحيث لا يستطاع أن توفر فيها التسهيلات المناسبة.
64- ولا ينتهي واجب المجتمع بإطلاق سراح السجين. ولذلك ينبغي أن تكون هناك هيئات حكومية أو خاصة قادرة على أن توفر للسجين الذي استرد حريته رعاية ناجعة، تهدف إلى تخفيف مواقف العداء العفوية ضده وتسمح بتأهيله للعودة إلى مكانه من المجتمع.
المعالجة
65- إن الهدف من معالجة المحكوم عليهم بالسجن أو بتدبير مماثل يحرمهم من الحرية يجب أن يكون، بقدر ما تسمح بذلك مدة العقوبة، إكسابهم العزيمة على أن يعيشوا في ظل القانون وأن يتدبروا احتياجاتهم بجهدهم، وجعلهم قادرين على إنفاذ هذه العزيمة. ويجب أن يخطط هذا العلاج بحيث يشجع احترامهم لذواتهم وينمى لديهم حس المسؤولية.
66- (1) وطلبا لهذه المقاصد، يجب أن تستخدم جميع الوسائل المناسبة، ولا سيما الرعاية الدينية في البلدان التي يستطاع فيها ذلك، والتعليم، والتوجيه والتكوين على الصعيد المهني، وأساليب المساعدة الاجتماعية الإفرادية، والنصح في مجال العمالة، والرياضة البدنية وتنمية الشخصية، تبعا للاحتياجات الفردية لكل سجين، مع مراعاة تاريخه الاجتماعي والجنائي، وقدراته ومواهبه الجسدية والذهنية، ومزاجه الشخصي، ومدة عقوبته، ومستقبله بعد إطلاق سراحه.
(2) ويجب أن يتلقى مدير السجن، بصدد كل وافد على السجن محكوم عليه بعقوبة طويلة بعض الطول، وفى أقرب موعد ممكن بعد وصوله، تقارير كاملة حول مختلف الجوانب المشار إليها في الفقرة السابقة، يتوجب دائمـا أن تشمل تقريرا يضعه طبيب، متخصص في الأمراض النفسانية إذا أمكن، حول حالة السجين الجسدية والذهنية.
(3) توضع التقارير وغيرها من الوثائق المناسبة المتعلقة بالسجين في ملف فردى. ويجب أن يستكمل هذا الملف بكل جديد، وأن يصنف على نحو يجعل الموظفين المسؤولين قادرين علي الرجوع إليه كلما طرأت حاجة إلى ذلك.
67- تكون مقاصد التصنيف الفئوي:
(1) أن يفصل عن الآخرين أولئك المسجونون الذين يرجح، بسبب ماضيهم الجنائي أو شراسة طباعهم، أن يكونوا ذوى تأثير سيئ عليهم.
(2) أن يصنف المسجونون في فئات، بغية تيسير علاجهم على هدف إعادة تأهيلهم الاجتماعي.
68- تستخدم لعلاج مختلف فئات المسجونين، بقدر الإمكان، سجون مختلفة أو أقسام مختلفة في السجن الواحد.
69- يوضع من أجل كل سجين محكوم عليه بعقوبة طويلة بعض الطول، في أقرب وقت ممكن بعد وصوله وبعد دراسة شخصيته، برنامج علاج يتم إعداده في ضوء المعلومات المكتسبة حول احتياجاته الفردية وقدراته ومزاجه النفسي.
70- تنشأ في كل سجن أنظمة امتيازات توائم مختلف فئات المسجونين ومختلف مناهج العلاج بغية تشجيع السجناء على حسن السلوك وتنمية حس المسؤولية لديهم وحفزهم على الاهتمام بعلاجهم والمؤازرة فيه.
العمل
71- (1) لا يجوز أن يكون العمل في السجن ذات طبيعة مؤلمة.
(2) يفرض العمل على جميع السجناء المحكوم عليهم، تبعا للياقتهم البدنية والعقلية كما يحددها الطبيب.
(3) يوفر للسجناء عمل منتج يكفى لتشغليهم طوال يوم العمل العادي.
(4) يكون هذا العمل، إلى أقصى الحدود المستطاعة، من نوع يصون أو يزيد قدرة السجين على تأمين عيشه بكسب شريف بعد إطلاق سراحه.
(5) يوفر تدريب مهني نافع للسجناء القادرين على الانتفاع به، ولا سيما الشباب.
(6) تتاح للسجناء، في حدود ما يتمشى مع الاختيار المهني السليم ومتطلبات إدارة السجن والانضباط فيه، إمكانية اختيار نوع العمل الذي يرغبون القيام به.
72- (1) يتم تنظيم العمل وطرائقه في السجن على نحو يقترب به بقدر الإمكان من الأعمال المماثلة خارج السجن، بغية إعداد السجناء لظروف الحياة العملية الطبيعية.
(2) إلا أن مصلحة السجناء وتدريبهم المهني لا يجوز أن يصيرا خاضعين لمقصد تحقيق ربح مالي من وراء العمل في السجن.
73- (1) يفضل أن تقوم إدارة السجن مباشرة، لا المقاولون الخاصون، بتشغيل مصانعه ومزارعه.
(2) حين يستخدم السجناء في أعمال لا تخضع لسلطان الإدارة، يتوجب أن يكونوا دائما تحت إشراف موظفي السجن. وما لم يكن العمل لحساب إدارات حكومية أخرى، يتوجب على الأشخاص الذين يقدم لهم أن يدفعوا للإدارة كامل الأجر الذي يتقاضى عادة عنه، ولكن مع مراعاة إنتاجية السجناء.
74- (1) تتخذ في مؤسسات السجون نفس الاحتياطات المفروضة لحماية سلامة وصحة العمال الأحرار.
(2) تتخذ تدابير لتعويض السجناء عن إصابات العمل والأمراض المهنية، بشروط لا تكون أقل مواتاة من تلك التي يمنحها القانون للعمال الأحرار.
75- (1) يحدد العدد الأقصى لساعات العمل اليومي والأسبوعي بالقانون أو بنظام إداري، مع مراعاة الأنظمة أو العادات المحلية المتبعة في مجال استخدام العمال الأحرار.
(2) يشترط في تحديد الساعات المذكورة أن يترك يوما للراحة الأسبوعية ووقتا كافيا للتعليم وغيره من الأنشطة المقتضاه كجزء من علاج السجناء وإعادة تأهيلهم.
76- (1) يكافأ السجناء على عملهم وفقا لنظام أجور منصف.
(2) يجب أن يسمح النظام للسجناء بأن يستخدموا جزءا على الأقل من أجرهم في شراء أشياء مرخص بها لاستعمالهم الشخصي وأن يرسلوا جزءا آخر منه إلى أسرتهم.
(3) ويجب أن ينص النظام أيضـا على احتجاز الإدارة لجزء من الأجر بحيث يشكل كسبا مدخرا يتم تسليمه للسجين لدى إطلاق سراحه.
77- (1) تتخذ إجراءات لمواصلة تعليم جميع السجناء القادرين على الاستفادة منه، بما في ذلك التعليم الديني في البلدان التي يمكن فيها ذلك، ويجب أن يكون تعليم الأميين والأحداث إلزاميا، وأن توجه إليه الإدارة عناية خاصة.
(2) يجعل تعليم السجناء، في حدود المستطاع عمليا، متناسقا مع نظام التعليم العام في البلد، بحيث يكون في مقدورهم، بعد إطلاق سراحهم، أن يواصلوا الدراسة دون عناء.
78- تنظم في جميع السجون، حرصـا على رفاه السجناء البدني والعقلي، أنشطة ترويحية وثقافية.
79- تبذل عناية خاصة لصيانة وتحسين علاقات السجين بأسرته، بقدر ما يكون ذلك في صالح كلا الطرفين.
80- يوضع في الاعتبار، منذ بداية تنفيذ الحكم، مستقبل السجين بعد إطلاق سراحه، ويشجع ويساعد على أن يواصل أو يقيم، من العلاقات مع الأشخاص أو الهيئات خارج السجن، كل ما من شأنه خدمة مصالح أسرته وتيسير إعادة تأهيله الاجتماعي.
81- (1) على الإدارات والهيئات الحكومية أو الخاصة، التي تساعد الخارجين من السجن على العودة إلى احتلال مكانهم في المجتمع، أن تسعى بقدر الإمكان لجعلهم يحصلون على الوثائق وأوراق الهوية الضرورية، وعلى المسكن والعمل المناسبين، وعلى ثياب لائقة تناسب المناخ والفصل، وأن توفر لهم من الموارد ما يكفى لوصولهم إلى وجهتهم ولتأمين أسباب العيش لهم خلال الفترة التي تلي مباشرة إطلاق سراحهم.
(2) يجب أن تتاح للممثلين الذين تعتمدهم الأجهزة المذكورة إمكانية دخول السجن والالتقاء بالسجناء، ويجب أن يستشاروا بشأن مستقبل السجين منذ بداية تنفيذ عقوبته .
(3) يستصوب أن تكون أنشطة الهيئات المذكورة ممركزة أو منسقة بقدر الإمكان كيما ينتفع بجهودها على أفضل وجه.
72- (1) لا يجوز احتجاز الشخص في السجن إذا ظهر أنه مختل العقل، بل يجب اتخاذ ترتيبات لنقله إلى مستشفى للأمراض العقلية بأسرع ما يمكن.
(2) يوضع المصابون بأمراض أو ظواهر شذوذ عقلية أخرى تحت المراقبة والعلاج في مصحات متخصصة تحت إدارة طيبة.
(3) يوضع هؤلاء الأشخاص، طوال بقائهم في السجن، تحت إشراف طبي خاص.
(4) على الإدارة الطبية أو النفسانية في السجون أن تكفل علاج جميع السجناء الآخرين الذين يحتاجون إلى مثل هذا العلاج.
83- (1) من المستحسن أن تتخذ، بالاتفاق مع الأجهزة المختصة، تدابير لمواصلة العلاج النفساني للسجين ولتقديم مساعدة اجتماعية نفسانية له بعد إطلاق سراح عند الضرورة
84- (1) في الفقرات التالية تطلق صفة “متهم” على أي شخص تم توقيفه أو حبسه بسبب مخالفة لقانون العقوبات ووضع في عهدة الشرطة أو السجن ولكنه لم يحاكم ولم يحكم عليه بعد.
(2) يفترض في المتهم أنه برئ ويعامل على هذا الأساس.
(3) دون المساس بالقواعد القانونية المتعلقة بحماية الحرية الفردية أو التي تنص على الإجراءات الواجبة الاتباع إزاء المتهمين، يجب أن يتمتع هؤلاء بنظام معاملة خاص تحدد القواعد الواردة أدناه عناصر الأساسية.
85 (1) يفصل المتهمون عن السجناء المحكوم عليهم.
(2) يفصل المتهمون الأحداث عن البالغين. ويجب من حيث المبدأ أن يحتجزوا في مؤسسات منفصلة.
86- يوضع المتهمون في غرف نوم فردية، ولكن رهنا بمراعاة العادات المحلية المختلفة تبعـا للمناخ.
87- للمتهمين إذا رغبوا في ذلك، في الحدود المتفقة مع حسن سير النظام في المؤسسة، أن يأكلوا ما يريدون على نفقتهم بأن يحصلوا على طعامهم من الخارج إما بواسطة الإدارة أو بواسطة أسرتهم أو أصدقائهم. فإذا لم يطلبوا ذلك كان على الإدارة أن تتكفل بإطعامهم.
88- (1) يسمح للمتهم بارتداء ثيابه الخاصة إذا كانت نظيفة ولائقة.
(2) أما إذا ارتدى ثياب السجن فيجب أن تكون هذه مختلفة عن اللباس الموحد الذي يرتديه المحكوم عليهم.
89- يجب دائمـا أن يعطى المتهم فرصة للعمل، ولكن لا يجوز إجباره عليه. فإذا اختار العمل وجب أن يؤجر عليه.
90- يرخص لكل متهم بأن يحصل، على نفقته أو نفقة آخرين، وفى الحدود المتفقة مع صالح إقامة العدل ومع أمن السجن وانتظام إدارته، على ما يشاء من الكتب والصحف وأدوات الكتابة وغيرها من وسائل قضاء الوقت.
91- يرخص للمتهم بأن يزوره ويعالجه طبيبه أو طبيب أسنانه الخاص، إذا كان لطلبه مبرر معقول وكان قادرا على دفع النفقات المقتضاه.
92- يرخص للمتهم بأن يقوم فورا بإبلاغ أسرته نبأ احتجازه، ويعطى كل التسهيلات المعقولة للاتصال بأسرته وأصدقائه وباستقبالهم، دون أن يكون ذلك مرهونـا إلا بالقيود والرقابة الضرورية لصالح إقامة العدل وأمن السجن وانتظام إدارته.
93- يرخص للمتهم، بغية الدفاع عن نفسه، بأن يطلب تسمية محام تعينه المحكمة مجانـا حين ينص القانون على هذه الإمكانية، وبأن يتلقى زيارات محامية إعدادا لدفاعه وأن يسلمه تعليمات سرية. وعلى هذا القصد يحق له أن يعطى أدوات للكتابة إذا طلب ذلك. ويجوز أن تتم المقابلات بين المتهم ومحامية على مرمى نظر الشرطي أو موظف السجن، ولكن دون أن تكون على مرمى سمعه.
94- في البلدان التي يجيز فيها القانون السجن من أجل الديون أو بقرار من المحكمة في أية دعوى أخرى غير جزائية، لا يجوز إخضاع المسجونين على هذا النحو لأية قيود أو لأية صرامة تتجاوز ما هو ضروري لضمان عدم هربهم وللحفاظ على الأمن. ويجب ألا تكون معاملتهم أقل يسرا من تلك الممنوحة للسجناء غير المحاكمين باستثناء أنه يمكن إجبارهم على العمل.
95- دون الإخلال بأحكام المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يتمتع الأشخاص الموقوفون أو المحتجزون دون أن توجه إليهم تهمة بذات الحماية التي يضمنها الجزء الأول والفرع “جيم” من الجزء الثاني كذلك تنطبق عليهم الأحكام المناسبة من الفرع “ألف” من الجزء الثاني حينما كان من الممكن أن يعود تطبيقها بالفائدة على هذه الفئة الخاصة من المحتجزين، شريطة ألا يتخذ أي تدبير يفترض ضمنا أن إعادة التعليم أو إعادة التأهيل يمكن على أي نحو أن يكونا مناسبين لأشخاص لم يدانوا بأية جريمة جزائية.
إن توفير الحماية الكافية لحقوق الأفراد أثناء تعاملهم مع رجال الشرطة إجراء لم يعد مقتصرا على الحماية الداخلية التي توفرها القوانين الوطنية لأي دولة بل تعدتها إلى إيجاد منظومة من المعايير الدولية لحقوق الإنسان تهدف بشكل رئيسي إلى توفير حماية دولية للأفراد أثناء تعاملهم مع رجال الشرطة وخصوصا في مرحلة التحقيق والتي قد تشمل التوقيف والاحتجاز كمظهرين من مظاهر تقييد الحرية الشخصية.
وفي هذا الإطار نرى ان التحقيق في الجريمة يشكل الخطوة الأساسية الأولى على طريق إقامة العدالة، والغرض منه لا يخرج عن نطاق جمع الأدلة وتحديد مرتكب الجريمة المفترض وعرض الأدلة على المحكمة حتى يتسنى لها البت في الإدانة أو البراءة. كما يؤكد على أنه أثناء سير التحقيق يمارس رجال الشرطة صلاحيات التوقيف وحجز الحرية المخولة لهم تجاه الأشخاص المشتبه في ارتكابهم الجريمة موضوع التحقيق، وهو ما قد يلزم أحيانا استخدام القوة لإلقاء القبض عليهم واحتجازهم. لذلك ولكي تسير عملية التحقيق في الجريمة وفقا للمبادئ الأخلاقية فلا بد من ضمان احترام حقوق المشتبه بهم وكرامتهم الإنسانية، وذلك من خلال مراعاة مجموعة من المبادئ الأساسية المتعلقة بعمل الشرطة الأخلاقي أثناء التحقيق والمستمدة من حقوق الإنسان الدولية
يعد هذا المبدأ من أهم المبادئ التي تضمنها »الإعلان العالمي لحقوق الإنسان «حيث نصت المادة الثالثة منه على أن »لكل فرد الحق في الحياة والحرية والأمان على شخصه « وهو ما يستشف منه أن لكل إنسان الحق في الحرية الشخصية، وأن توقيف الشخص كقاعدة عامة يتعارض مع هذا المبدأ. لذا يجب أن يكون التوقيف لأسباب محدده في القانون بعيدا عن التعسف والتظليم ووفقا لإجراءات مشروعة، وهو ما نصت عليه المادة التاسعة من »الإعلان العالمي لحقوق الإنسان «بقولها أنه »لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفيا « .
ويتفرع عن الحق في الحرية مبدأ آخر هو الحق في إخلاء سبيل المتهم المحتجز إلى أن تتم محاكمته، إذ لا يجب بشكل عام الاستمرار في احتجاز المتهم بارتكاب جريمة جنائية إلى حين محاكمته إلا في حالات معينة يجوز فيها للسلطات الأمنية أن تقيد حرية المتهم حتى المحاكمة وذلك عندما يكون ذلك ضروريا لمنعه من الهرب خارج البلاد أو منعه من التأثير على الشهود أو إذا كان إطلاق سراحه يشكل خطرا على الغير أو الأمن القومي للبلاد، وهو ما أكدت عليه الفقرة الثالثة من المادة التاسعة من »العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية « والتي تنص على أنه »لا يجوز أن يكون توقيف الأشخاص الذين ينتظرون المحاكمة هو القاعدة العامة، ولكن من الجائز تعليق الإفراج عنهم على ضمانات لكفالة حضورهم في أي مرحلة أخرى من مراحل الإجراءات القضائية ولكفالة تنفيذ الحكم «
إن المبدأ القانوني المستقر عليه في القضايا الجزائية أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته بحكم قضائي قطعي قد تم تكريسه في الفقرة الأولى من المادة الحادية عشر من »الإعلان العالمي لحقوق الإنسان « والتي تنص على أن »كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً إلى أن تثبت إدانته قانوناً بمحاكمتة علنيا تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه « ، وكذلك في الفقرة الثانية من المادة الرابعة عشر من »العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية « والتي تنص على أنه »من حق كل متهم بارتكاب جريمة أن يعتبر بريئا إلى أن يثبت عليه الجرم قانونا « . ويترتب على ثبوت الحق في افتراض براءة المتهم النتائج التالية:
• أنه لا يمكن أن تتحدد الإدانة أو البراءة إلا من خلال جهة قضائية مشكلة تشكيلا قانونيا وبعد اتباع إجراءات المحاكمة العادلة المنصوص عليها في التشريعات الوطنية ذات الصلة؛
• أنه لا يمكن أن يدان أي شخص من جراء أداء عمل أو الامتناع عن أداء عمل إلا إذا كان ذلك الفعل يعتبر جرماً وفقاً للقانون الوطني أو الدولي وقت ارتكاب الفعل؛
• أنه يجب أن تتم معاملة جميع الأشخاص الجاري التحقيق معهم باعتبارهم أبرياء سواء كانوا قيد التوقيف أوالاحتجاز أو أطلق سراحهم بكفالة أثناء التحقيق.
إن من حق المتهم أن يعامل معاملة حسنة وإنسانية، ذلك بهدف صون كرامته وسلامته البدنية والعقلية معا، وهو الواجب الملقى على عاتق الدولة بتوفيره لكل شخص من الأشخاص المحرومين من حريتهم، وهذا ما أكدت عليه المادة العاشرة من »العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية « بالنص على أن »يعامل جميع المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية تحترم الكرامة الأصيلة في الشخص الإنساني « . كما نصت الفقرة الثانية من المادة العاشرة من العهد نفسه على ضرورة »أن يفصل المتهمون عن المدانين، إلا في ظروف استثنائية، ويكونون محل معاملة على حدا على اعتبار أنهم لم يدانوا « .
إن إجراء التحقيق مع المتهم بطريقة منصفة وعادلة يتطلب قيام رجال الشرطة بكافة إجراءات التحقيق بطريقة أخلاقية ووفقا للقواعد القانونية المقررة، وأن يتم توفير الضمانات التالية للأشخاض المحقق معهم.
أولا: أن يتم إبلاغ المتهم سريعا وبالتفصيل بالتهمة الموجه إليه، إذ يتوجب على رجال الشرطة إعلام أي شخص عند توقيفه بأسباب احتجازه وبالتهم المنسوبة إليه بلغة واضحة يفهمها تخلو من التهديد والوعيد بالانتقام والمجازاة، وذلك تطبيقا لأحكام الفقرة الثانية من المادة التاسعة من »العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية « التي تنص على أنه »يتوجب إبلاغ أي شخص يتم توقيفه بأسباب هذا التوقيف لدى وقوعه كما يتوجب إبلاغه سريعا بأية تهمة توجه إلي«.
إن طبيعة التحقيق قد تؤثر حتما على المدة الزمنية التي يمكن إبلاغ الشخص فيها بالتهمة المسندة إليه إذ أن ذلك قد يستغرق وقتا أطول في حالات الجرائم الخطرة، إلا أن على رجال الشرطة إعلام صاحب الشأن بوصف دقيق بالتهم المسندة إليه في أسرع وقت ممكن حتى يتمكن من ممارسة الضمانات الدولية الأخرى لحماية حقوقه الإنسانية. إن المبدأ القانوني المستقر عليه في القضايا الجزائية أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته بحكم قضائي قطعي قد تم تكريسه في الفقرة الأولى من المادة الحادية عشر من »الإعلان العالمي لحقوق الإنسان « والتي تنص على أن »كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً إلى أن تثبت إدانته قانوناً بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه
ثانيا: أن يتم منح المتهم الوقت الكافي والتسهيلات المناسبة لإعداد دفاعه واختيار من يمثله قانونيا. فلكل متهم الحق في أن يدافع عن نفسه إما بنفسه أو بواسطة محام من اختياره. فإذا لم تكن لديه إمكانيات مالية كافية لدفع تكاليف الاستعانة بمحام، فيجب أن تقوم السلطات القضائية بتوفيرها له مجاناً كلما تطلبت العدالة ذلك. وهو ما أكدت عليه الفقرة الثالثة من المادة الرابعة عشر من » المعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية « بالنص على أنه » لكل متهم بجريمة أن يدافع عن نفسه بشخصه أو بواسطة محام من اختياره، وأن يخطر بحقه في وجود من يدافع عنه إذا لم يكن له من يدافع عنه، وأن تزوده المحكمة حكما، كلما كانت مصلحة العدالة تقتضي ذلك، بمحام يدافع عنه دون تحميله أجرا على ذلك إذا كان لا يملك الوسائل الكافية لدفع هذا الأجر « كما أكدت على هذا الحق المادة السابعة من المبادئ الأساسية للأمم المتحدة بشأن دور المحامين بالقول على أنه » تكفل الحكومات أيضا لجميع الأشخاص المقبوض عليهم أو المحتجزين بتهمة جنائية أو بدون تهمة جنائية، إمكانية الاستعانة بمحام فورا، وبأي حال خلال مهلة لا تزيد عن ثمان وأربعين ساعة من وقت القبض عليهم أو احتجازهم « .
ويرتبط بحق الشخص المحتجز في توفير المساعدة القانونية له أن يتاح له الوقت الكافي للاتصال مع محاميه والتشاور معه بحرية تامة في أي وقت وبشكل سري، بحيث يجوز أن تكون المقابلات بين الشخص المحتجز ومحاميه على مرأى من أحد موظفي إنفاذ القوانين، ولكن لا يجوز أن تكون على مسمع منه. كما يجب أن لا تكون أية اتصالات بين الشخص المحتجز ومحاميه مقبولة كدليل ضد الشخص المحتجز ما لم تكن ذات صلة بجريمة مستمرة أو بجريمة تدبر وذلك تطبيقا لما جاء في المبدأ الثامن عشر من » مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن «
ثالثا: أن يكون للمتهم الحق في أن يمثل أمام المحكمة المختصة دون إبطاء، والتي يجب أن تكون جهة قضائية مستقلة وغير متحيزة تأسست قبل وقوع الجريمة وفق أحكام القانون. وهو ما أكدت عليه المادة العاشرة من » الإعلان العالمي لحقوق الإنسان «والتي تنص على أن » لكل إنسان الحق، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة نظراً عادلاً علنياً للفصل في حقوقه والتزاماته وأية تهمة جنائية توجه إليه « . كما جاء في الفقرة الأولى من المادة الرابعة عشر من » المعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية « أن »الناس جميعا سواء أمام القضاء وأن من حق كل فرد لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجه إليه أو في حقوقه والتزاماته في أية دعوى مدنية أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية منشأة بحكم القانون «
لذا لا يجوز استبقاء أي شخص محتجز دون أن تتاح له فرصة المحاكمة العادلة في أسرع وقت ممكن أمام السلطة القضائية المختصة، ذلك أن ضمانة محاكمة المتهم بسرعة دون تأخير ترتبط بحقه في الحرية والأمن على شخصه وفقا للمعايير الدولية التي قررتها المادة الثالثة من » الإعلان العالمي لحقوق الإنسان « ، وكذلك الفقرة الأولى من المادة التاسعة من » العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية « والتي تنص على أن » لكل فرد حق في الحرية وفي الأمان على شخصه ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفا ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقا للإجراء المقرر فيه « . كما ينص المبدأ السابع والثلاثين من » مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن « وعلى ضرورة أن يتم إحضار الشخص المحتجز المتهم بتهمة جنائية أمام السلطة القضائية التي يحددها القانون وذلك على وجه السرعة عقب إلقاء القبض عليه على أن تبت هذه السلطة دون تأخير في قانونية وضرورة الاحتجاز بحيث لا يجوز إبقاء أي شخص محتجزا على ذمة التحقيق أو المحاكمة إلا بناء على أمر مكتوب من هذه السلطة، وأن يكون للشخص المحتجز الحق عند مثوله أمام هذه السلطة في الإدلاء بأقواله بشأن المعاملة التي تلقاها أثناء احتجازه.
إن من الطبيعي أن تؤثر درجة تعقيد القضية وجسامتها على الوقت الفعلي الذي يستغرقه تقديم المتهم إلى المحاكمة، بالإضافة إلى أن طول مدة التحقيق قد يتأثر بعوامل أخرى كتوفير الشهود ومدى تعاون الشخص الذي يتم التحقيق معه. إلا أن ذلك يجب أن لا يكون مبررا لرجال الشرطة لعدم إجراء التحقيق بسرعة وفعالية لكي يتم عرض المتهم على المحكمة المختصة في أسرع وقت ممكن، وذلك تطبيقا لما جاء في الفقرة الثالثة من المادة الرابعة عشر من » المعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية « والتي تنص على حق المتهم في أن » تجري محاكمته دون تأخير زائد عن المعقول «
رابعا: أن يكون للمتهم الحق في مناقشة شهود الاتهام بنفسه أو بواسطة ممثله القانوني، وأن يثبت له الحق في استدعاء شهود الدفاع بذات الشروط المطبقة في حالة شهود الاتهام. فمن أهم الضمانات الدنيا المتعلقة بالتحقيق والمحاكمة العادلة أن يكون للمتهم الحق في أن يناقش شهود النيابة العامة سواء بنفسه أو من خلال محاميه، وأن يدحض اتهاماتهم من خلال شهود النفي الذين يجب أن لا يتم إبطاء أو عرقلة دعوتهم إلى المحكمة. كما يتصل بحق المتهم في مناقشة ودعوة الشهود حقه في أن يزود مجانا بمترجم إذا كان لا يفهم أو لا يتكلم اللغة المستخدمة في المحكمة، وأن لا يكره على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف بذنب وذلك كما جاء في الفقرة الثالثة من المادة الرابعة عشر من »العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية « . كما يتصل بهذا الحق ضمانة أخرى هي ضرورة أن يتم إجراءات محاكمة أي متهم بشكل علني وأمام وسائل الإعلام، وأن لا يتم إجراء أية محاكمة سرا إلا في الحالات المحددة حصرا في القوانين الوضعية وبشكل استثنائي لا يجوز التوسع في تفسيره أو تطبيقه وذلك لما تقتضيه حماية مصلحة العدالة.
لقد أضفى »الإعلان العالمي لحقوق الإنسان «حماية خاصة على خصوصيات الأفراد وكرامتهم وشرفهم وسمعتهم أثناء التحقيق معهم وذلك في المادة الثانية عشر منه والتي تنص على أن » لا يتعرض أحد للتدخل التعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو لحملات على شرفه وسمعته، ولكل شخص الحق في حماية القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحملات « كما لا يجوز إخضاع أي متهم موقوف إلى أي شكل من أشكال التعذيب أو غيره من الاهانة أو الضرب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة وهو ما أكدت عليه »مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن « لعام 1988 والتي تنص في المبدأ الأول على ضرورة أن »يعامل جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن معاملة إنسانية وباحترام لكرامة الشخص الإنساني الأصيلة « . وكذلك جاء في المبدأ الأول من »المبادئ الأساسية لمعاملة السجناء « لعام 1990 بأنه يجب أن » يعامل كل السجناء بما يلزم من الاحترام لكرامتهم المتأصلة وقيمتهم كبشر «
ومن مظاهر احترام كرامة وآدمية الأشخاص المحتجزين وشرفهم عمليات التفتيش التي تتم سواء على الأفراد شخصيا أو على منازلهم أو ممتلكاتهم الخاصة، واعتراض ومراقبة مراسلاتهم ورسائلهم واتصالاتهم الهاتفية الخاصة والتي يجب أن تتم بصورة قانونية وبالقدر اللازم فقط الذي تقتضيه مصلحة التحقيق ووفقا للأصول المنصوص عليها في التشريعات الوطنية ذات الصلة. فلكل إنسان حق احترام حياته الخاصة والعائلية ومسكنه ومراسلاته، ولا يجوز للسلطة العامة أن تتعرض لممارسة هذا الحق إلا وفقاً للقانون وبما تمليه الضرورة في مجتمع ديمقراطي لصالح الأمن القومي وحفظ النظام ومنع الجريمة، أو حماية الصحة العامة والآداب، أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.
ومن المظاهر الأخرى ذات الصلة بكرامة الأشخاص وشرفهم أثناء التحقيق والتي تتمتع بحماية دولية التوقيف وذلك من حيث الأسلوب المتبع وأماكن ممارسته. فلا يجوز توقيف الأشخاص المحتجزين إلا في أماكن توقيف معترف بها رسميا، وأن يتم على الفور تقديم معلومات دقيقة عن أماكن احتجاز الأشخاص وحركة نقلهم من مكان إلى آخر لأفراد أسرهم أو محاميهم أو أي شخص آخر له مصلحة مشروعة في الإحاطة بهذه المعلومات، وأن يتم الاحتفاظ بسجل رسمي يجري تحديثه باستمرار بأسماء جميع الأشخاص المحرومين من حريتهم في كل مكان من أماكن التوقيف وذلك عملا بأحكام المادة العاشرة من »إعلان حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري « لعام 1992.
ومن الضمانات الأخرى ذات الصلة بإجراءات التوقيف والاحتجاز التي تتمتع بحماية دولية ضرورة عزل الأشخاص الموقوفين على ذمة التحقيق في أية قضية جزائية عن المتهمين المدانين بحكم قضائي قطعي، وأن تتم معاملتهم بطريقة مختلفة تتفق مع كونهم أشخاص غير مدانين. كما يجب أن يتم فصل الأحداث القاصرين عن البالغين، على أن تتم محاكمتهم أمام محكمة خاصة بهم بأسرع وقت ممكن، وأن يتم إخطار أولياء أمور الحدث أو الوصي عليه فورا بعد التوقيف وذلك تطبيقا للقاعدة العاشرة من » قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لإدارة شؤون قضاء الأحداث « لعام 1985. كما يجب اتخاذ جميع التدابير الضرورية لحماية النساء ولا سيما الحوامل والأمهات والمرضعات منهم، وأن يتم توفير ضمانات خاصة للأطفال والمسنين والمرضى والمعوقين وذلك تطبيقا لما جاء في المبدأ الخامس من »مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن « لعام 1988.
ومن مظاهر الحفاظ على الكرامة الإنسانية للمتهمين المحتجزين أثناء التحقيق حماية خصوصيات الأفراد وعدم إفشاء أية معلومات سرية قد تضر بسمعتهم ومركزهم الاجتماعي إلا ضمن الأسس والضوابط التي ينص عليها القانون. فرجال الشرطة باعتبارهم من فئة الموظفين المكلفين بتنفيذ القوانين قد يحصلون بحكم عملهم على معلومات تتعلق بالحياة الخاصة للأفراد المتهمين، لذلك ينبغي عليهم توخي الحرص الشديد في الحفاظ على سرية تلك المعلومات وأن لا يتم إفشاؤها إلا بحكم أداء الواجب أو خدمة العدالة، وذلك تطبيقا للمادة الرابعة من » مدونة قواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين « والتي تنص على ضرورة أن » يحافظ الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين على سرية ما في حوزتهم من أمور ذات طبيعة سرية ما لم يقتض خلاف ذلك كل الاقتضاء أداء الواجب أو متطلبات العدالة «
لقد نصت جميع المعاهدات والاتفاقيات الدولية على حظر التعذيب أثناء الإجراءات الجزائية ابتداء من التحقيق والمحاكمة وانتهاء بتنفيذ العقوبة في السجن. فقد نصت المادة الخامسة من » الإعلان العالمي لحقوق الإنسان «على أنه »لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية « ، كما نصت المادة السابعة من »العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية « على أنه »لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو الحاطة للكرامة « . أما »اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة « لعام 1984 فقد نصت في المادة الثانية منها على أن »تتخذ كل دولة طرف إجراءات تشريعية أو إدارية أو قضائية فعالة أو أية إجراءات أخرى لمنع أعمال التعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي « .كما نصت المادة الرابعة من ذات الاتفاقية على أن » تضمن كل دولة طرف أن تكون جميع أعمال التعذيب جرائم بموجب قانونها الجنائى، وينطبق الأمر ذاته على قيام أي شخص بأيه محاولة لممارسة التعذيب وعلى قيامه بأي عمل آخر يشكل تواطؤا ومشاركة في التعذيب « .
إن احتجاز المتهم المحتجز حريته لمدة طويلة في أماكن مخصصة للحبس الانفرادي يندرج تحت الأفعال المحظورة أثناء فترة التحقيق كونها تعد صورة من صور المعاملة القاسية أو اللإ إنسانية التي حظرتها المادة السابعة من »المعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية « .
أما بخصوص الحق في العناية الصحية، فقد تضمنت » مدونة الأمم المتحدة لقواعد سلوك الموظفين المكلفين بتنفيذ القوانين « في المادة السادسة منها على حماية صحة المحتجزين بالنص على أن » يسهر الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين على الحماية التامة لصحة الأشخاص المحتجزين في عهدتهم، وعليهم، بوجه خاص، اتخاذ التدابير الفورية لتوفير العناية الطبية لهم كلما لزم ذلك « كما تضمنت »مبادئ الأمم المتحدة الخاصة بآداب مهنة الطب المتصلة بدور الموظفين الصحيين « ولا سيما الأطباء، في حماية المسجونين والمحتجزين من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهنية لعام 1982 في المبدأ الأول على أن » من واجب الموظفين الصحيين المكلفين بالرعاية الطبية للمساجين والمحتجزين ولا سيما الأطباء من هؤلاء الموظفين، أن يوفروا لهم حماية لصحتهم البدنية والعقلية ومعالجة لأمراضهم تكونان من نفس النوعية والمستوى المتاحين لغير المسجونين أو المحتجزين «. كما نص المبدأ الرابع من المبادئ ذاتها على أنه » يمثل مخالفة لآداب مهنة الطب أن يقوم الموظفون الصحيون ولا سيما الأطباء باستخدام معارفهم ومهاراتهم للمساعدة في استجواب السجناء والمحتجزين على نحو قد يضر بالصحة أو الحالة البدنية أو العقلية لهؤلاء المسجونين أو المحتجزين، ويتنافى مع المواثيق الدولية ذات الصلة «
إن النيابة العامة تضطلع بدور أساسي أثناء مرحلة التحقيق في حماية حقوق الأشخاص المحتجزين وذلك من خلال افتراض قرينة البراءة للأشخاص الذين لم تتم إدانتهم بالجريمة التي وجهت إليهم التهم بارتكابها، واعتماد الأدلة الجنائية التي تم الحصول عليها بشكل قانوني سليم، ورفض تلك التي يتم الحصول عليها تحت وطأة التعذيب والمعاملة القاسية كونها تشكل انتهاكا لحقوق الإنسان الخاصة بالمتهم. كما يظهر دور النيابة العامة في محاسبة المسؤولين عن استخدام وسائل التعذيب والمعاملة القاسية بحق الأشخاص المحتجزين بهدف منع تكرار حدوث مثل هذه الأمور في قضايا مستقبلية
إن ملفّ الاعتقال السياسيّ من أهمّ الملفات في أوقات النزاعات المسلحة، لما يترتب عليه من خلطٍ بين صاحب رأيٍ يُعتقل بسبب رأيه، وبين شخصٍ دفعته عقيدته السياسية إلى حمل السلاح.
ولا بدّ في البداية أن نفرّق بين بعض المصطلحات القانونية المتعلقة بهذا الملفّ؛ إذ يوجد عددٌ من الحالات القانونية التي يرتبط كلٌّ منها بصفةٍ أو بمصطلحٍ يُطلق وفق التعريفات القانونية. فيعني القبض اعتقال شخصٍ بدعوى ارتكابه لجريمةٍ، أو بإجراءٍ من سلطةٍ ما. ويعني الشخص المحتجَز كلَّ شخصٍ محرومٍ من الحرية الشخصية، ما لم يكن ذلك لإدانته بجريمة. ويعني الشخص المسجون كلَّ شخصٍ محرومٍ من الحرية الشخصية لإدانته بجريمة. ويعتبر معتقلاً، بمفهوم هذا القانون، كلُّ شخصٍ اتُّخذ في حقه تدبيرٌ سالبٌ للحرية، وتمّ إيداعه داخل مؤسسةٍ سجنية. ويعتبر معتقلاً احتياطياً كلُّ معتقلٍ لم يصدر في حقه قرار قطعيٌّ بالإدانة، سواءً أكان ظنيناً أم متابعاً أم متهماً. ويعتبر مداناً كلُّ شخصٍ معتقلٍ صدر في حقه قرار قطعيٌّ بعقوبةٍ سالبةٍ للحرية. ويعتبر مكرهاً بدنياً كلُّ شخصٍ اعتقل في نطاق مسطرة الإكراه البدنيّ. ويعني الاحتجاز حالة الأشخاص المحتجزين حسب تعريفهم الوارد أعلاه. ويعني السجين حالة الأشخاص المسجونين حسب تعريفهم الوارد أعلاه.
كما أن ملفّ الاعتقال يرتبط ارتباطاً وثيقاً بحقوق الإنسان. لأن الاحتجاز، لأيّ سببٍ كان، لا ينفي عن الفرد صفته الإنسانية، ولا يجوز انتزاع حقوق المعتقل منه تحت أية ذريعة. فقد أكد الإعلان العالميّ لحقوق الانسان لعام 1948، والعهد الدوليّ للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966، على أن الحقّ في الحياة حقٌّ ملازمٌ لكلّ إنسان، وأن على القانون حماية هذا الحق، ولا يجوز حرمان أحدٍ من حياته تعسفاً، وأن هذا الحقّ لا يمكن تعطيله حتى في حالات الطوارئ، كما ورد في المادة 4/أ. ومن هنا يمكننا أن نعرّف المعتقل السياسيّ بأنه كلّ شخصٍ تم توقيفه أو حجز حريته بدون قرارٍ قضائيٍّ، بسبب معارضته للسلطة الحاكمة، في الرأي أو المعتقد أو الانتماء السياسيّ، أو تعاطفه مع معارضيها، أو مساعدته لهم.
أصدرت المنظمات الدولية قراراتٍ وتوصياتٍ خاصةً بحقوق السجناء، بالاعتماد على مقرّرات مؤتمر الأمم المتحدة في جنيف، حيث تمّ إقرار القواعد النموذجية لمعاملة السجناء. وهي مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرّضون لأيّ شكلٍ من أشكال الاحتجاز أو السجن، ومعاملتهم معاملةً إنسانية، والحفاظ على كرامتهم الإنسانية الأصيلة، والتمتع بالحقوق المتعارف عليها في المواثيق الدولية، كحقّ المعتقل في التظلّم مما يتعرّض له في السجن من ممارسةٍ غير قانونيةٍ من قبل السلطة، إذ لا يجوز أبداً أن تُستخدم أدوات تقييد الحرية، كالأغلال والسلاسل والأصفاد وثياب التكبيل، كوسائل للعقاب. كما يجب أن يعرف المعتقل أسباب اعتقاله. وحقّ الإدلاء بالأقوال في أقرب وقتٍ، والدفاع عن نفسه والاستعانة بالمحامي. والحقّ في الحصول على المعلومات عن حقوقه. والحقّ في الاتصال بالعالم الخارجيّ. والحق في تبليغ الأسرة بالمكان الذي تمّ نقله إليه. والحقّ في الاتصال وتوفير زيارة الأسرة. والحقّ في أن يكون قريباً من الأسرة، وفق القواعد النموذجية لمعاملة المسجونين. واحترام حقوقه دون تمييز.
إذا كان السجن يضم عدداً كافياً من السجناء الذين يعتنقون نفس الدين، يُعيّن أو يُقرّ تعيين ممثلٍ لهذا الدين.
والحقّ في احترام المعتقدات الدينية والمبادئ الأخلاقية للفئة التي ينتسب إليها السجين. والحقّ في أن يسجّل في سجلٍّ مضبوط. والحقّ في الفصل بين فئات الرجال والنساء والأحداث، وبين المحبوسين احتياطياً والمحكومين.
يزوّد كل سجينٍ، لدى دخوله السجن، بمعلوماتٍ مكتوبةٍ حول الأنظمة المطبّقة على فئته من السجناء، وحول قواعد الانضباط في السجن، والطرق المرخّص بها لطلب المعلومات وتقديم الشكاوى. وحين لا يسمح نظام السجن للسجين بالاحتفاظ بما يحمل من نقودٍ أو أشياء ثمينةٍ أو ثيابٍ أو غير ذلك من متاعه، يوضع ذلك كله في حرزٍ أمينٍ لدى دخوله السجن.
كما يجب أن تتوفر للمعتقل جميع المتطلبات الصحية والطبية، ووجبات طعامٍ ذات قيمةٍ غذائيةٍ كافيةٍ لكلّ سجينٍ للحفاظ على صحته، مع الحرص على مراعاة الظروف المناخية، وخصوصاً من حيث حجم الهواء والمساحة الدنيا المخصّصة للسجناء، لتمكين كلٍّ منهم من تلبية احتياجاته الطبيعية بصورةٍ نظيفةٍ ولائقة. ولكلّ سجينٍ الحقّ في التمارين الرياضية في الهواء الطلق، ساعةً على الأقلّ في كلّ يوم.
ولا بدّ من الإخطار في حالة وفاة السجين، أو إصابته بمرضٍ خطيرٍ، أو بحادثٍ خطيرٍ، أو نقله إلى مؤسسةٍ لعلاج الأمراض العقلية. وحين يُنقل السجين إلى السجن، أو منه، يجب عدم تعريضه لأنظار الجمهور إلا بأدنى قدرٍ ممكن.
ويجب أن تُتاح للسجناء مواصلة الاطّلاع بانتظامٍ على مجريات الأحداث ذات الأهمية، عن طريق الصحف اليومية أو الدورية أو أية منشوراتٍ خاصّةٍ تصدرها إدارة السجون، أو بالاستماع إلى محطّات الإذاعة أو إلى المحاضرات، أو بأية وسيلةٍ مماثلةٍ تسمح بها الإدارة أو تكون خاضعةً لإشرافها. ويزوّد كلّ سجنٍ بمكتبةٍ مناسبةٍ لمختلف فئات السجناء، تضمّ قدراً وافياً من الكتب الترفيهية والتثقيفية على السواء. ويُشجّع السجناء على الإفادة منها إلى أبعد حدٍّ ممكن.
تُتخذ إجراءاتٌ لمواصلة تعليم جميع السجناء القادرين على الاستفادة منه، بما في ذلك التعليم الدينيّ.
تُبذل عنايةٌ خاصّةٌ لصيانة وتحسين علاقات السجين بأسرته، بقدر ما يكون ذلك في صالح كلا الطرفين. ويُوضع في الاعتبار، منذ بداية تنفيذ الحكم، مستقبلُ السجين بعد إطلاق سراحه. ويُشجّع ويُساعد على أن يواصل، أو يقيم، العلاقات مع الأشخاص أو الهيئات خارج السجن.
في السجون العربية، التي تعجّ بآلاف المعتقلين على خلفية الأزمات، تنتفي أبسط حقوق المعتقلين، كالحقّ في تبليغ الأسرة بمكان المعتقل. ومصير الآلاف منهم مجهولٌ، عدا عن التعذيب الممنهج والظروف الموغلة في لا إنسانيتها. والتهم الباطلة التي لا توجد فيها أدلة دامغة وخصوصا التهمة الجديدة وهي تهمة الارهاب للتخلص من السجناء والمعتقلين السياسيين
1- ليس الغرض من القواعد التالية تقديم وصف تفصيلي لنظام نموذجي للسجون، بل إن كل ما تحاوله هو أن تحدد، على أساس التصورات المتواضع على قبولها عموما في أيامنا هذه والعناصر الأساسية في الأنظمة المعاصرة الأكثر صلاحا، ما يعتبر عموما خير المبادئ والقواعد العملية في معاملة المسجونين وإدارة السجون.
2- ومن الجلي، نظرا لما تتصف به الظروف القانونية والاجتماعية والجغرافية في مختلف أنحاء العالم من تنوع بالغ، أن من غير الممكن تطبيق جميع القواعد في كل مكان وفى أي حين. ومع ذلك يرجى أن يكون فيها ما يحفز على بذل الجهد باستمرار للتغلب على المصاعب العملية التي تعترض تطبيقها، انطلاقا من كونها تمثل، في جملتها، الشروط الدنيا التي تعترف بصلاحها الأمم المتحدة.
3- ثم ان هذه القواعد، من جهة أخرى، تتناول ميدانا يظل الرأي فيه في تطور مستمر. وهى بالتالي لا تستبعد إمكانية التجربة والممارسة ما دامت متفقتين مع المبادئ التي تستشف من مجموعة القواعد في جملتها ومع السعي لتحقيق مقاصدها. وبهذه الروح يظل دائما من حق الإدارة المركزية للسجون أن تسمح بالخروج الاستثنائي على هذه القواعد.
4- (1) والجزء الأول من هذه المجموعة يتناول القواعد المتعلقة بالإدارة العامة للمؤسسات الجزائية، وهو ينطبق على جميع فئات المسجونين، سواء كان سبب حبسهم جنائيا أو مدنيا، وسواء كانوا متهمين أو مدانين، وبما في ذلك أولئك الذين تطبق بحقهم “تدابير أمنية” أو تدابير إصلاحية أمر بها القاضي.
(2) أما الجزء الثاني فيتضمن قواعد لا تنطبق إلا على فئات المسجونين الذين يتناولهم كل فرع فيه. ومع ذلك فإن القواعد الواردة في الفرع (ألف) منه بشأن السجناء المدانين تنطبق أيضا على فئات السجناء الذين تتناولهم الفروع (باء) و (جيم) و (دال) في حدود عدم تعارضها مع القواعد الخاصة بهذه الفئات وكونها في صالح هؤلاء السجناء.
5- (1) ولا تحاول القواعد تنظيم إدارة المؤسسات المخصصة للأحداث الجانحين (مثل الإصلاحيات أو معاهد التهذيب وما إليها)، ومع ذلك فإن الجزء الأول منها يصلح أيضا، على وجه العموم، للتطبيق في هذه المؤسسات.
(2) ويجب اعتبار فئة الأحداث المعتقلين شاملة على الأقل لجميع القاصرين الذين يخضعون لصلاحية محاكم الأحداث. ويجب أن تكون القاعدة العامة ألا يحكم على هؤلاء الجانحين الصغار بعقوبة السجن.
6- (1) تطبق القواعد التالية بصورة حيادية. ولا يجوز أن يكون هنالك تمييز في المعاملة بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو الدين، أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو المنشأ القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو المولد أو أي وضع آخر.
(2) وفى الوقت نفسه، من الضروري احترام المعتقدات الدينية والمبادئ الأخلاقية للفئة التي ينتسب إليها السجين.
7- (1) في أي مكان يوجد فيه مسجونين، يتوجب مسك سجل مجلد ومرقم الصفحات، تورد فيه المعلومات التالية بشأن كل معتقل:
(أ) تفاصيل هويته،
(ب) أسباب سجنه والسلطة المختصة التي قررته،
(ج) يوم وساعة دخوله وإطلاق سراحه.
(2) لا يقبل أي شخص في أية مؤسسة جزائية دون أمر حبس مشروع تكون تفاصيله قد دونت سلفا في السجل.
8- توضع فئات السجناء المختلفة في مؤسسات مختلفة أو أجزاء مختلفة من المؤسسات مع مراعاة جنسهم وعمرهم وسجل سوابقهم وأسباب احتجازهم ومتطلبات معاملتهم. وعلى ذلك:
(أ) يسجن الرجال والنساء، بقدر الإمكان، في مؤسسات مختلفة. وحين تكون هناك مؤسسة تستقبل الجنسين على السواء يتحتم أن يكون مجموع الأماكن المخصصة للنساء منفصلا كليا،
(ب) يفصل المحبوسون احتياطيا عن المسجونين المحكوم عليهم،
(ج) يفصل المحبوسون لأسباب مدنية، بما في ذلك الديون، عن المسجونين بسبب جريمة جزائية،
(د) يفصل الأحداث عن البالغين.
9- (1) حيثما وجدت زنزانات أو غرف فردية للنوم لا يجوز أن يوضع في الواحدة منها أكثر من سجين واحد ليلا. فإذا حدث لأسباب استثنائية، كالاكتظاظ المؤقت، أن اضطرت الإدارة المركزية للسجون إلى الخروج عن هذه القاعدة، يتفادى وضع مسجونين اثنين في زنزانة أو غرفة فردية.
(2) وحيثما تستخدم المهاجع، يجب أن يشغلها مسجونون يعتني باختيارهم من حيث قدرتهم على التعاشر في هذه الظروف. ويجب أن يظل هؤلاء ليلا تحت رقابة مستمرة، موائمة لطبيعة المؤسسة.
10- توفر لجميع الغرف المعدة لاستخدام المسجونين، ولا سيما حجرات النوم ليلا، جميع المتطلبات الصحية، مع الحرص على مراعاة الظروف المناخية، وخصوصا من حيث حجم الهواء والمساحة الدنيا المخصصة لكل سجين والإضاءة والتدفئة والتهوية.
11- في أي مكان يكون على السجناء فيه أن يعيشوا أو يعملوا:
(أ) يجب أن تكون النوافذ من الاتساع بحيث تمكن السجناء من استخدام الضوء الطبيعي في القراءة والعمل، وأن تكون مركبة على نحو يتيح دخول الهواء النقي سواء وجدت أم لم توجد تهوية صناعية،
(ب) يجب أن تكون الإضاءة الصناعية كافية لتمكين السجناء من القراءة والعمل دون إرهاق نظرهم.
12- يجب أن تكون المراحيض كافية لتمكين كل سجين من تلبية احتياجاته الطبيعية في حين ضرورتها وبصورة نظيفة ولائقة.
13- يجب أن تتوفر منشآت الاستحمام والاغتسال بالدش بحيث يكون في مقدور كل سجين ومفروضا عليه أن يستحم أو يغتسل، بدرجة حرارة متكيفة مع الطقس، بالقدر الذي تتطلبه الصحة العامة تبعا للفصل والموقع الجغرافي للمنطقة، على ألا يقل ذلك عن مرة في الأسبوع في مناخ معتدل.
14- يجب أن تكون جميع الأماكن التي يتردد عليها السجناء بانتظام في المؤسسة مستوفاة الصيانة والنظافة في كل حين
15- يجب أن تفرض على السجناء العناية بنظافتهم الشخصية، ومن أجل ذلك يجب أن يوفر لهم الماء وما تتطلبه الصحة والنظافة من أدوات.
16- بغية تمكين السجناء من الحفاظ على مظهر مناسب يساعدهم على احترام ذواتهم، يزود السجن بالتسهيلات اللازمة للعناية بالشعر والذقن. ويجب تمكين الذكور من الحلاقة بانتظام.
17- (1) كل سجين لا يسمح له بارتداء ملابسه الخاصة يجب أن يزود بمجموعة ثياب مناسبة للمناخ وكافية للحفاظ على عافيته. ولا يجوز في أية حال أن تكون هذه الثياب مهينة أو حاطة بالكرامة.
(2) يجب أن تكون جميع الثياب نظيفة وأن يحافظ عليها في حالة جيدة. ويجب تبديل الثياب الداخلية وغسلها بالوتيرة الضرورية للحفاظ على الصحة.
(3) في حالات استثنائية، حين يسمح للسجين، بالخروج من السجن لغرض مرخص به، يسمح له بارتداء ثيابه الخاصة أو بارتداء ملابس أخرى لا تسترعى الأنظار.
18- حين يسمح للسجناء بارتداء ثيابهم الخاصة، تتخذ لدى دخولهم السجن ترتيبات لضمان كونها نظيفة وصالحة للارتداء.
19- يزود كل سجين، وفقا للعادات المحلية أو الوطنية، بسرير فردى ولوازم لهذا السرير مخصصة له وكافية، تكون نظيفة لدى تسليمه إياها، ويحافظ على لياقتها، وتستبدل في مواعيد متقاربة بالقدر الذي يحفظ نظافتها.
20- (1) توفر الإدارة لكل سجين، في الساعات المعتادة، وجبة طعام ذات قيمة غذائية كافية للحفاظ على صحته وقواه، جيدة النوعية وحسنة الإعداد والتقديم.
(2) توفر لكل سجين إمكانية الحصول على ماء صالح للشرب كلما احتاج إليه.
21- (1) لكل سجين غير مستخدم في عمل في الهواء الطلق حق في ساعة على الأقل في كل يوم يمارس فيها التمارين الرياضية المناسبة في الهواء الطلق، إذا سمح الطقس بذلك.
(2) توفر تربية رياضية وترفيهية، خلال الفترة المخصصة للتمارين، للسجناء الأحداث وغيرهم ممن يسمح لهم بذلك عمرهم ووضعهم الصحي. ويجب أن توفر لهم، على هذا القصد، الأرض والمنشآت والمعدات اللازمة.
- (2)يجب أن توفر في كل سجن خدمات طبيب مؤهل واحد على الأقل، يكون على بعض الإلمام بالطب النفسي. وينبغي أن يتم تنظيم الخدمات الطبية على نحو وثيق الصلة بإدارة الصحة العامة المحلية أو الوطنية. كما يجب أن تشتمل على فرع للطب النفسي تشخيص بغية حالات الشذوذ العقلي وعلاجها عند الضرورة.
(2) أما السجناء الذين يتطلبون عناية متخصصة فينقلون إلى سجون متخصصة أو إلى مستشفيات مدنية. ومن الواجب، حين تتوفر في السجن خدمات العلاج التي تقدمها المستشفيات، أن تكون معداتها وأدواتها والمنتجات الصيدلانية التي تزود بها وافية بغرض توفير الرعاية والمعالجة الطبية اللازمة للسجناء المرضي، وأن تضم جهازا من الموظفين ذوى التأهيل المهني المناسب.
(3) يجب أن يكون في وسع كل سجين أن يستعين بخدمات طبيب أسنان مؤهل.
23- (1) في سجون النساء، يجب أن تتوفر المنشآت الخاصة الضرورية لتوفير الرعاية والعلاج قبل الولادة وبعدها. ويجب، حيثما كان ذلك في الإمكان، اتخاذ ترتيبات لجعل الأطفال يولدون في مستشفى مدني. وإذا ولد الطفل في السجن، لا ينبغي أن يذكر ذلك في شهادة ميلاده.
(2) حين يكون من المسموح به بقاء الأطفال الرضع إلى جانب أمهاتهم في السجن، تتخذ التدابير اللازمة لتوفير دار حضانة مجهزة بموظفين مؤهلين، يوضع فيها الرضع خلال الفترات التي لا يكونون أثناءها في رعاية أمهاتهم.
24- يقوم الطبيب بفحص كل سجين في أقرب وقت ممكن بعد دخوله السجن، ثم بفحصه بعد ذلك كلما اقتضت الضرورة، وخصوصا بغية اكتشاف أي مرض جسدي أو عقلي يمكن أن يكون مصابا به واتخاذ جميع التدابير الضرورية لعلاجه، وعزل السجناء الذين يشك في كونهم مصابين بأمراض معدية أو سارية، واستبانه جوانب القصور الجسدية أو العقلية التي يمكن أن تشكل عائقا دون إعادة التأهيل، والبت في الطاقة البدنية على العمل لدى كل سجين.
25- (1) يكلف الطبيب بمراقبة الصحة البدنية والعقلية للمرضي، وعليه أن يقابل يوميا جميع السجناء المرضي. وجميع أولئك الذين يشكون من اعتلال، وأي سجين استرعى انتباهه إليه على وجه خاص.
(2) على الطبيب أن يقدم تقريرا إلى المدير كلما بدا له أن الصحة الجسدية أو العقلية لسجين ما قد تضررت أو ستتضرر من جراء استمرار سجنه أو من جراء أي ظرف من ظروف هذا السجن.
26- (1) على الطبيب أن يقوم بصورة منتظمة بمعاينة الجوانب التالية وأن يقدم النصح إلى المدير بشأنها:
(أ) كمية الغذاء ونوعيته وإعداده،
(ب) مدى إتباع القواعد الصحية والنظافة في السجن ولدى السجناء،
(ج) حالة المرافق الصحية والتدفئة والإضاءة والتهوية في السجن،
(د) نوعية ونظافة ملابس السجناء ولوازم أسرتهم،
(هـ) مدى التقيد بالقواعد المتعلقة بالتربية البدنية والرياضية، حين يكون منظمو هذه الأنظمة غير متخصصين.
(3) يضع المدير في اعتباره التقارير والنصائح التي يقدمها له الطبيب عملا بأحكام المادتين 25 (2) و 26، فإذا التقى معه في الرأي عمد فورا إلى اتخاذ التدابير اللازمة لوضع هذه التوصيات موضع التنفيذ. أما إذا لم يوافقه على رأيه أو كانت التوصيات المقترحة خارج نطاق اختصاصه فعليه أن يقدم فورا تقريرا برأيه الشخصي، مرفقا بآراء الطبيب، إلى سلطة أعلى.
27- يؤخذ بالحزم في المحافظة على الانضباط والنظام، ولكن دون أن يفرض من القيود أكثر مما هو ضروري لكفالة الأمن وحسن انتظام الحياة المجتمعية.
28- (1) لا يجوز أن يستخدم أي سجين، في خدمة المؤسسة، في عمل ينطوي على صفة تأديبية.
(2) إلا أنه لا يجوز تطبيق هذه القاعدة على نحو يعيق نجاح أنظمة قائمة على الحكم الذاتي، تتمثل في أن تناط أنشطة أو مسؤوليات اجتماعية أو تثقيفية أو رياضية محددة، تحت إشراف الإدارة، بسجناء منظمين في مجموعات لأغراض العلاج.
29- تحدد النقاط التالية، دائما، إما بالقانون وإما بنظام تضعه السلطة الإدارية المختصة:
(أ) السلوك الذي يشكل مخالفة تأديبية،
(ب) أنواع ومدة العقوبات التأديبية التي يمكن فرضها،
(ج) السلطة المختصة بتقرير إنزال هذه العقوبات.
30- (1) لا يعاقب أي سجين إلا وفقا لأحكام القانون أو النظام المذكورين، ولا يجوز أبدا أن يعاقب مرتين على المخالفة الواحدة.
(2) لا يعاقب أي سجين إلا بعد إعلامه بالمخالفة وإعطائه فرصة فعلية لعرض دفاعه. وعلى السلطة المختصة أن تقوم بدارسة مستفيضة للحالة.
(3) يسمح للسجين، حين يكون ذلك ضروريا وممكنا، بعرض دفاعه عن طريق مترجم.
31- العقوبة الجسدية والعقوبة بالوضع في زنزانة مظلمة، وأية عقوبة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة، محظورة كليا كعقوبات تأديبية.
32- (1) لا يجوز في أي حين أن يعاقب السجين بالحبس المنفرد أو بتخفيض الطعام الذي يعطى له إلا بعد أن يكون الطبيب قد فحصه وشهد خطيا بأنه قادر على تحمل مثل هذه العقوبة.
(2) ينطبق الأمر نفسه على أية عقوبة أخرى يحتمل أن تلحق الأذى بصحة السجين الجسدية أو العقلية. ولا يجوز في أي حال أن تتعارض هذه العقوبات مع المبدأ المقرر في القاعدة 31 أو أن تخرج عنه.
(3) على الطبيب أن يقوم يوميا بزيارة السجناء الخاضعين لمثل هذه العقوبات، وأن يشير على المدير بوقف العقوبة أو تغييرها إذا رأى ذلك ضروريا لأسباب تتعلق بالصحة الجسدية أو العقلية.
33- لا يجوز أبدا أن تستخدم أدوات تقييد الحرية، كالأغلال والسلاسل والأصفاد وثياب التكبيل كوسائل للعقاب. وبالإضافة إلى ذلك لا يجوز استخدام السلاسل أو الأصفاد كأدوات لتقييد الحرية. أما غير ذلك من أدوات تقييد الحرية فلا تستخدم إلا في الظروف التالية:
(أ) كتدبير للاحتراز من هرب السجين خلال نقله، شريطة أن تفك بمجرد مثوله أمام سلطة قضائية أو إدارية،
(ب) لأسباب طبية، بناء على توجيه الطبيب،
(ج) بأمر من المدير، إذا أخفقت الوسائل الأخرى في كبح جماح السجين لمنعه من إلحاق الأذى بنفسه أو بغيره أو من تسبيب خسائر مادية. وعلى المدير في مثل هذه الحالة أن يتشاور فورا مع الطبيب وأن يبلغ الأمر إلى السلطة الإدارية الأعلى،
34- الإدارة المركزية للسجون هي التي يجب أن تحدد نماذج أدوات تقييد الحرية وطريقة استخدمها. ولا يجوز استخدامها أبدا لمدة أطول من المدة الضرورية كل الضرورة.
35- (1) يزود كل سجين، لدى دخوله السجن، بمعلومات مكتوبة حول الأنظمة المطبقة على فئته من السجناء، وحول قواعد الانضباط في السجن، والطرق المرخص بها لطلب المعلومات وتقديم الشكاوى، وحول أية مسائل أخرى تكون ضرورية لتمكينه من معرفة حقوقه وواجباته على السواء ومن تكييف نفسه وفقا لحياة السجن.
(2) إذا كان السجين أميا وجب أن تقدم له هذه المعلومات بصورة شفوية.
36- (1) يجب أن تتاح لكل سجين إمكانية التقدم، في كل يوم عمل من أيام الأسبوع، بطلبات أو شكاوى إلى مدير السجن أو إلى الموظف المفوض بتمثيله.
(2) يجب أن يستطيع السجناء التقدم بطلبات أو شكاوى إلى مفتش السجون خلال جولته التفتيشية في السجن. ويجب أن تتاح للسجين فرصة للتحدث مع المفتش أو مع أي موظف آخر مكلف بالتفتيش دون أن يحضر حديثه مدير السجن أو غيره من موظفيه.
(3) يجب أن يسمح لكل سجين بتقديم طلب أو شكوى إلى الإدارة المركزية للسجون أو السلطة القضائية أو إلى غيرهما من السلطات، دون أن يخضع الطلب أو الشكوى للرقابة من حيث الجوهر ولكن على أن يتم وفقا للأصول وعبر الطرق المقررة.
(4) ما لم يكن الطلب أو الشكوى جلي التفاهة أو بلا أساس، يتوجب أن يعالج دون إبطاء، وأن يجاب عليه في الوقت المناسب.
37- يسمح للسجين في ظل الرقابة الضرورية، بالاتصال بأسرته وبذوي السمعة الحسنة من أصدقائه، على فترات منتظمة، بالمراسلة وبتلقي الزيارات على السواء.
38- (1) يمنح السجين الأجنبي قدرا معقولا من التسهيلات للاتصال بالممثلين الدبلوماسيين والقنصليين للدولة التي ينتمي إليها.
(2) يمنح السجناء المنتمون إلى دول ليس لها ممثلون دبلوماسيون أو قنصليون في البلد واللاجئون وعديمو الجنسية، تسهيلات مماثلة للاتصال بالممثل الدبلوماسي للدولة المكلفة برعاية مصالحهم أو بأية سلطة وطنية أو دولية تكون مهمتها حماية مثل هؤلاء الأشخاص.
39- يجب أن تتاح للسجناء مواصلة الإطلاع بانتظام على مجرى الأحداث ذات الأهمية عن طريق الصحف اليومية أو الدورية أو أية منشورات خاصة تصدرها إدارة السجون أو بالاستماع إلى محطات الإذاعة أو إلى المحاضرات، أو بأية وسيلة مماثلة تسمح بها الإدارة أو تكون خاضعة لإشرافها.
40- يزود كل سجن بمكتبة مخصصة لمختلف فئات السجناء تضم قدرا وافيا من الكتب الترفيهية والتثقيفية على السواء. ويشجع السجناء على الإفادة منها إلى أبعد حد ممكن.
41- (1) إذا كان السجن يضم عدد كافيا من السجناء الذين يعتنقون نفس الدين، يعين أو يقر تعيين ممثل لهذا الدين مؤهل لهذه المهمة. وينبغي أن يكون هذا التعيين للعمل كل الوقت إذا كان عدد السجناء يبرر ذلك وكانت الظروف تسمح به.
(2) يسمح للمثل المعين أو الذي تم إقرار تعيينه وفقا للفقرة 1 أن يقيم الصلوات بانتظام وأن يقوم، كلما كان ذلك مناسبا، بزيارات خاصة للمسجونين من أهل دينه رعاية لهم.
(3) لا يحرم أي سجين من الاتصال بالممثل المؤهل لأي دين. وفى مقابل ذلك، يحترم رأى السجين كليا إذا هو اعترض على قيام أي ممثل ديني بزيارة له.
42- يسمح لكل سجين، بقدر ما يكون ذلك في الإمكان، بأداء فروض حياته الدينية بحضور الصلوات المقامة في السجن، وبحيازة كتب الشعائر والتربية الدينية التي تأخذ بها طائفته.
43- (1) حين لا يسمح نظام السجن للسجين بالاحتفاظ بما يحمل من نقود أو أشياء ثمينة أو ثياب أو غير ذلك من متاعه، يوضع ذلك كله في حرز أمين لدى دخوله السجن. ويوضع كشف بهذا المتاع يوقعه السجين، وتتخذ التدابير اللازمة للإبقاء على هذه الأشياء في حالة جيدة.
(2) لدى إطلاق سراح السجين تعاد إليه هذه النقود والحوائج، باستثناء ما سمح له بإنفاقه من مال أو ما أرسله إلى الخارج من متاع أو ما دعت المقتضيات الصحية إلى إتلافه من ثياب. ويوقع السجين على إيصال بالنقود والحوائج التي أعيدت إليه.
(3) تطبق هذه المعاملة ذاتها على أية نقود أو حوائج ترسل إلى السجين من خارج السجن.
(4) إذا كان السجين، لدى دخوله السجن، يحمل أية عقاقير أو أدوية، يقرر مصيرها طبيب السجن.
44- (1) إذا توفى السجين أو أصيب بمرض خطير أو بحادث خطير أو نقل إلى مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية، يقوم المدير فورا، إذا كان السجين متزوجـا، بإخطار زوجه، وإلا فأقرب أنسبائه إليه، وفى أية حال أي شخص آخر يكون السجين قد طلب إخطاره.
(2) يخطر السجين فورا بأي حادث وفاة أو مرض خطير لنسيب قريب له. وإذ كان مرض هذا النسيب بالغ الخطورة يرخص للسجين، إذا كانت الظروف تسمح بذلك، بالذهاب لعيادته إما برفقة حرس وإما بمفرده.
(3) يكون لكل سجين حق إعلام أسرته فورا باعتقاله أو بنقله إلى سجن آخر.
45- (1) حين ينقل السجين إلى السجن أو منه، يجب عدم تعريضه لأنظار الجمهور إلا بأدنى قدر ممكن، ويجب اتخاذ تدابير لحمايته من شتائم الجمهور وفضوله ومن العلنية بأي شكل من أشكالها.
(2) يجب أن يحظر نقل السجناء في ظروف سيئة من حيث التهوية والإضاءة، أو بأية وسيلة تفرض عليهم عناء جسديـا لا ضرورة له.
(3) يجب أن يتم نقل السجناء على نفقة الإدارة، وأن تسود المساواة بينهم جميعـا.
46- (1) على إدارة السجون أن تنتقى موظفيها على اختلاف درجاتهم بكل عناية، إذ على نزاهتهم وإنسانيتهم وكفاءتهم المهنية وقدراتهم الشخصية للعمل يتوقف حسن إدارة المؤسسات الجزائية.
(2) على إدارة السجون أن تسهر باستمرار على إيقاظ وترسيخ القناعة، لدى موظفيها ولدى الرأي العام، بأن هذه المهمة هي خدمة اجتماعية بالغة الأهمية، وعليها، طلبا لهذا الهدف، أن تستخدم جميع الوسائل المناسبة لتنوير الجمهور.
(3) بغية تحقيق الأهداف السابقة الذكر، يعين موظفو السجون على أساس العمل طوال ساعات العمل المعتادة، بوصفهم موظفي سجون محترفين، ويعتبرون موظفين مدنيين يضمن لهم بالتالي أمن العمل دون أن يكون مرهونا إلا بحسن السلوك والكفاءة واللياقة البدنية. ويجب أن تكون الأجور من الكفاية بحيث تجتذب الأكفاء من الرجال والنساء، كما يجب أن تحدد مزايا احترافهم وظروف خدمتهم على نحو يراعى طبيعة عملهم المرهقة.
47- (1) يجب أن يكون الموظفون على مستوى كاف من الثقافة والذكاء.
(2) قبل الدخول في الخدمة، يعطى الموظفون دورة تدريبية على مهامهم العامة والخاصة، وعليهم أن يجتازوا اختبارات نظرية وعملية.
(3) على الموظفون، بعد مباشرتهم العمل وطوال احترافهم المهنة، أن يرسخوا ويحسنوا معارفهم وكفاءتهم المهنية بحضور دورات تدريبية أثناء الخدمة تنظم على فترات مناسبة.
48- على جميع الموظفين أن يجعلوا سلوكهم وأن يضطلعوا بمهامهم على نحو يجعل منهم قدوة طيبة للسجناء ويبتعث احترامهم لهم.
49- (1) يجب أن يضم جهاز الموظفين، بقدر الإمكان، عددا كافيا من الأخصائيين كأطباء الأمراض العقلية وعلماء النفس والمساعدين الاجتماعيين والمعلمين ومدرسي الحرف.
(2) يكفل جعل خدمات المساعدين الاجتماعيين والمعلمين ومدرسي المهن الحرة على أساس دائم، ولكن دون استبعاد العاملين لبعض الوقت أو العاملين المتطوعين.
50- (1) يجب أن يكون مدير السجن على حظ واف من الأهلية لمهمته، من حيث طباعه وكفاءته الإدارية وتدريبه المناسب وخبرته.
(2) وعليه أن يكرس كامل وقته لمهامه الرسمية، فلا يعين على أساس العمل بعض الوقت فحسب.
(3) وعليه أن يجعل إقامته داخل السجن أو على مقربة مباشرة منه.
(4) حين يوضع سجنان أو أكثر تحت سلطة مدير واحد، يكون عليه أن يزور كلا منهما أو منها في مواعيد متقاربة، كما يجب أن يرأس كلا من هذه السجون بالنيابة موظف مقيم مسؤول.
51- (1) يجب أن يكون المدير ومعاونه وأكثرية موظفي السجن الآخرين قادرين على تكلم لغة معظم السجناء، أو لغة يفهمها معظم هؤلاء.
(2) يستعان، كلما اقتضت الضرورة ذلك، بخدمات مترجم.
52- (1) في السجون التي تبلغ من الاتساع بحيث تقتضي خدمات طبيب أو أكثر كامل الوقت، يجب أن تكون إقامة واحد منهم على الأقل داخل السجن أو على مقربة مباشرة منه.
(2) أما في السجون الأخرى فعلى الطبيب أن يقوم بزيارات يومية، وأن يجعل إقامته على مقربة كافية من السجن بحيث يستطيع الحضور دون إبطاء في حالات الطوارئ.
53- (1) في السجون المختلطة، المستخدمة للذكور والإناث معا، يوضع القسم المخصص للنساء من مبنى السجن تحت رئاسة موظفة مسؤولة تكون في عهدتها مفاتيح جميع أبواب هذا القسم.
(2) لا يجوز لأي من موظفي السجن الذكور أن يدخل قسم النساء ما لم يكن مصحوبا بموظفة أنثى.
(3) تكون مهمة رعاية السجينات والإشراف عليهن من اختصاص موظفات السجن النساء حصرا. على أن هذا لا يمنع الموظفين الذكور، ولا سيما الأطباء والمعلمين، من ممارسة مهامهم المهنية في السجون أو أقسام السجون المخصصة للنساء.
54- (1) لا يجوز لموظفي السجون أن يلجأوا إلى القوة، في علاقاتهم مع المسجونين، إلا دفاعا عن أنفسهم أو في حالات الفرار أو المقاومة الجسدية بالقوة أو بالامتناع السلبي لأمر يستند إلى القانون أو الأنظمة. وعلى الموظفين الذين يلجأوا إلى القوة ألا يستخدموها إلا في أدنى الحدود الضرورية وأن يقدموا فورا تقريرا عن الحادث إلى مدير السجن.
(2) يوفر لموظفي السجون تدريب جسدي خاص لتمكينهم من كبح جماح السجناء ذوى التصرف العدواني.
(3) لا ينبغي للموظفين الذين يقومون بمهمة تجعلهم في تماس مباشر مع السجناء أن يكونوا مسلحين، إلا في ظروف استثنائية. وبالإضافة إلى ذلك لا يجوز، أيـا كانت الظروف، تسليم سلاح لأي موظف ما لم يكن قد تم تدريبه على استعماله.