استمرار التعذيب في أحد سجون العراق في محافظة نينوى

لا توجد أية إجراءات واضحة بعد أشهر من الادعاءات

(عمان) قالت ” منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية” اليوم إن ضباطا عراقيين مارسوا التعذيب في مركز احتجاز في الموصل حتى أوائل 2019 على الأقل، بعد أشهر من إبلاغ منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية عن الانتهاكات وتقديمها لمعلومات حول المسؤولين عنها. لم ترد الحكومة العراقية على رسالتين لمنظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية تطلب فيهما آخر المستجدات بخصوص الخطوات المتخذة للتحقيق في المزاعم.

قال طارق الصفراني مدير عام الشؤون العربية في منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية  “مع تجاهل الحكومة العراقية تقارير موثوقة عن التعذيب، ليس من المستغرب أن تستمر الانتهاكات. ما الذي تحتاج إليه السلطات لتأخذ مزاعم التعذيب بجدية”.

في أغسطس/آب 2018، نشرت منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية تقريرا يزعم استخدام التعذيب في 3 مراكز تابعة لوزارة الداخلية في الموصل وجوارها. استند التقرير إلى شهادات معتقلَين سابقَين وأب لرجل توفي أثناء الاستجواب. زود معتقل سابق احتـُجز في سجن الفيصلية لمدة 4 أشهر، منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية بأسماء 4 من ضباط وزارة الداخلية قال إنه رآهم يعذبون مساجين.

قبل نشر تقريرها، أرسلت منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية ادعاءات تفصيلية إلى مستشار حقوق الإنسان في “اللجنة الاستشارية لرئيس الوزراء” بما في ذلك أسماء الضباط الــ4 المتورطين. في فبراير/شباط، كتبت منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية إلى وزير الخارجية محمد الحكيم والمفتش العام بوزارة الداخلية جمال الأسدي، تسأل عما إذا كانت الحكومة قد حققت في مزاعمها، لكن لم تتلق أي رد على الرسالتين و منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية متأكدة في عدم الرد.

وصف سجين سابق، حُجب اسمه وتفاصيل هويته لسلامته، ما رآه في سجن الفيصلية في أوائل 2019.

قال إن الحراس أخذوه ليلة وصوله إلى قسم خلف باب معدني معزول عن بقية الزنزانات. تطابق وصفه مع ما قاله محتجزون سابقون آخرون تحدثوا إلى هيومن رايتس ووتش.

قال إنه رأى 8 معتقلين يقفون عراة و4 حراس يرشونهم بالماء من دلو ومن ثم يلقونهم أرضا واحدا تلو الآخر ويرفعون أرجلهم ويمررون أقدامهم في حلقتين من الحبال مربوطتين بعصا خشبية لتثبيت القدمين في مكانهما. قال إنه شاهد الحراس يتناوبون على ضرب كل معتقل على قدميه بأنابيب بلاستيكية لمدة 15 دقيقة بلا توقف. قال إنه بعد الضرب، اعترف 6 من المعتقلين بانتمائهم إلى “تنظيم الدولة الإسلامية” (المعروف أيضاً بـ”داعش”) وفاوض كل منهم على مدة عضويته التي سيعترف بها.

قال إن الحراس استخدموا شكلا من أشكال “الإيهام بالغرق”، يشار إليه باسم “السفينة”، ضد معتقلَين لم يعترفا. قام 5 حراس وضابط بربط كل معتقل، وهو عارٍ، بنقالة برتقالية ورفعوها بطريقة تجعل أقدام المعتقل فوق رأسه ثم غطوا وجهه بمنشفة. ضربوا كل واحد منهم لمدة 5 دقائق بأنابيب بلاستيكية أثناء صب الماء على فمه.

قال إن الحراس قيّدوا بعد ذلك أيدي الرجال خلف ظهورهم، وعلقوهم من السقف باستخدام خطاف وبكرة، في وضع يشار إليه لساعة تقريبا. قال إن الرجال اعترفوا جميعا حوالي الساعة 2 صباحا وأُعيدوا إلى زنزاناتهم.

بعد ساعة، على حد قوله، عندما كان مع 12 محتجزا آخرين مستلقين في زنزانة جماعية يتشاركونها، دخل 3 أو 4 حراس وداسوهم بأحذيتهم.

سمّى السجين 3 من ضباط وزارة الداخلية الـ 4 الذين يشرفون على هذا القسم من السجن والذي حددتهم هيومن رايتس ووتش في تقريرها الصادر في أغسطس/آب. كما ذكر اسم ضابط آخر قال إنه أشرف على التعذيب. قال إن الضباط الـ4 شاركوا مباشرة في التعذيب.

رغم التقارير الموثوقة والمستفيضة حول التعذيب أثناء الاحتجاز، لا يحقق القضاة العراقيون عادة في مزاعم التعذيب. في 1 أبريل/نيسان 2019، ردّ “مجلس القضاء الأعلى” العراقي على استفسار منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية بشأن استجابة القضاء لمزاعم التعذيب، قائلا إن مجموعة من المحاكم العراقية حققت في 275 شكوى ضد محققين بحلول نهاية 2018. وذكر المجلس أن 176 من هذه القضايا الحالات “حُلّت” بينما لا تزال 99 قضية قيد النظر. لم يوضح المجلس عدد القضايا من بين الـ 176 المذكورة التي حُقّق فيها أو رُفضت.

على المفتش العام جمال الأسدي التحقيق فورا في المزاعم المتصلة بسجن الفيصلية في محافظة نينوى، بما في ذلك مع الضباط المتورطين المذكورين في تقارير منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية.

ينبغي لمجلس القضاء الأعلى إصدار مبادئ توجيهية حول الخطوات التي يجب أن يتبعها القضاة عندما يدعي متهم تعرضه للتعذيب. يتعيّن على القضاة التحقيق في كل مزاعم التعذيب الموثوقة والتحقيق مع قوات الأمن المسؤولة عنها، والأمر بنقل المحتجزين إلى منشآت احتجاز أخرى فور ادعائهم التعرض إلى التعذيب أو سوء المعاملة لحمايتهم من الانتقام. كما ينبغي للبرلمان إقرار مشروع قانون مكافحة التعذيب، الذي سيفرض على القضاة الأمر بإجراء فحص طبي لكل محتجز يدعي التعرض للتعذيب في غضون 24 ساعة من علمهم بذلك وهذا الاجراء غير متبع للأسف في العراق.

يتعين على وزير الخارجية العراقية أيضا حث البرلمان على التصديق على ” البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب”، والذي يسمح “للجنة الفرعية لمنع التعذيب التابعة للأمم المتحدة” بزيارة السجون. في انتظار التصديق على البروتوكول، على الحكومة الالتزام بإنشاء هيئة وطنية لمنع التعذيب، تُعرف بـ الآلية الوقائية الوطنية، تتمتع بصلاحية تفتيش جميع مراكز الاحتجاز في العراق وإنشاء أنظمة شكاوى فعالة للسلطات والمرافق المعنية بالاحتجاز والاستجواب.

على رؤساء وكالة الاستخبارات الاتحادية وجهاز الأمن الوطني ووزير الداخلية الجديد، إصدار تعليمات إلى مرؤوسيهم بمنع استخدام التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، والتوضيح أنهم سيعاقبون المسؤولين. ينبغي لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي أن يدين علانية استخدام التعذيب من قبل جميع موظفي إنفاذ القانون والأمن والعسكريين.

وقالت منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية على حكومة رئيس الوزراء عبد المهدي أن تثبت للشعب العراقي أنها جادة في إنهاء التعذيب في مرافق الاحتجاز العراقية. هناك حاجة لاتخاذ إجراءات قوية”.