لا سبيل لتحقيق العدالة مع تصاعد الانتهاكات
(كوبنهاكن) قالت “منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية ” إن المليشيات والجماعات المسلحة والعنيفة التي لا تخضع للمساءلة تُحكم سيطرتها على ليبيا، بينما يدفع المدنيون ثمن الانقسام في البلاد. على السلطات الليبية منح الأولوية لإصلاح قطاع العدل وإرساء المساءلة، لا سيما لأعضاء الجماعات المسلحة.
بعد سبع سنوات على انتهاء ثورة 2011 التي أنهت حكم الرجل القوي معمر القذافي، هناك في ليبيا حكومتان متنافستان عجزتا عن التوافق. تتصارع الحكومتان على السيطرة على الأراضي، والمؤسسات، والموارد النفطية، بينما ترتكب الجماعات والمليشيات المسلحة المرتبطة بها القتل غير المشروع، والاختفاء القسري، والتعذيب، واعتقال الأشخاص تعسفا، وتهجير قسري للآلاف. احتجزت القوات الموالية للحكومة والميليشيات بآلاف المهاجرين وطالبي اللجوء في مراكز اعتقال حيث تعتبر الظروف غير إنسانية والاعتداء الجسدي ممارسة روتينية.
قالت منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية “تقوم الميليشيات بترويع الليبيين والمهاجرين على حد سواء، في حين لا تجرؤ أي سلطة على مواجهتهم ومحاسبتهم. وإلى أن يتغيّر هذا الوضع، سيبقى احتمال إجراء انتخابات حرة ونزيهة ضعيفا”.
وقالت المنظمة أنّ الشعبويّين الذين ينشرون الكراهية والتعصّب في دول متعدّدة يتسببون في اندلاع المقاومة. كما أنّ التحالفات الجديدة بين الحكومات التي تحترم الحقوق، والتي تنبثق غالبا عن، وتنضمّ إليها، جماعات مدنيّة والجماهير، ترفع تكلفة التجاوزات الاستبداديّة. تبيّن نجاحات هذه التحالفات إمكانيّة الدفاع عن الحقوق، كما ومسؤوليّة القيام بذلك حتى في أحلك الأوقات.
أعاقت النزاعات المسلحة التي طال أمدها مؤسسات رئيسية في ليبيا، مثل الجهاز القضائي، التي يعمل بشكل جزئي فقط بسبب التهديدات والمضايقات والاعتداءات ضد القضاة والمحامين والمدعين العامين من قبل المليشيات. وعندما تعمل المحاكم، هناك انتهاكات خطيرة للإجراءات القانونية الواجبة. وكمثال على ذلك، أدانت محكمة في طرابلس في أغسطس/آب، في محاكمة جماعية واحدة على 45 شخصا يشتبه في كونهم من الأنصار السابقين للقذافي بالإعدام و 54 آخرين بالسجن 5 سنوات لقتلهم محتجين في عام 2011 على الرغم من ادعاءات بوقوع انتهاكات خطيرة للإجراءات القانونية الواجبة.
على الرغم من ولايتها بالتحقيق في جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية في ليبيا منذ 2011 ، أصدرت “المحكمة الجنائية الدولية” مذكرة توقيف واحدة فقط منذ عام 2011، ضد قيادي مقيم في بنغازي مرتبط بقوات “الجيش الوطني الليبي” المتحالفة مع واحدة من الحكومتين المتنافستين، ولكنّه لا يزال طليقا.
نتيجة للصراعات، لا يزال هناك 200 ألف شخص نازحين داخليا. لم تتمكن آلاف العائلات التي فرت من الاشتباكات في بنغازي منذ 2014، والمواجهات المسلحة في درنة منذ مايو/أيار 2018، من العودة إلى منازلها أو استعادة ممتلكاتها وسبل عيشها خوفا من الانتقام من قبل الجماعات المرتبطة بالجيش الليبي الوطني التي تتهمهم بدعم الإرهاب. وقّع ممثلون عن مدينتي مصراتة وتاورغاء اتفاق سلام في يونيو/حزيران كان من المفترض أن يُمهد الطريق لعودة 48 ألف شخص نزحوا بصورة غير مشروعة من تاورغاء. لكن، عاد بضع مئات منهم فقط، بسبب الدمار والنهب الهائلين، والمخاوف الأمنية المستمرة والخوف من الانتقام.
أدت الاشتباكات بين التبو والميليشيات العربية المحلية في الجنوب بين فبراير/شباط ويونيو/حزيران إلى مقتل عشرات المدنيين. وفي سبتمبر/أيلول أسفرت اشتباكات استمرت لمدة شهر بين ميليشيات متناحرة في طرابلس عن مقتل أكثر من 100 شخص بينهم عدد كبير من المدنيين حسب الأمم المتحدة.
على الرغم من أن تنظيم “الدولة الإسلامية” المتطرف (المعروف أيضا بـ”داعش”) لم يسيطر على أي منطقة في ليبيا منذ الإطاحة به في سرت، في ديسمبر/كانون الأول 2016، إلا أنه قام بالعديد من الهجمات القاتلة التي استهدفت المدنيين. في مايو/أيار، أعلن داعش عن مسؤوليته عن هجوم وقع في طرابلس استهدف مقر “المفوضية الوطنية العليا للانتخابات” أسفر عن مقتل 12 شخصا، بعضهم مدنيون.
قامت الميليشيات والجماعات المسلحة المتحالفة مع حكومة الوفاق بمضايقة، واعتقال، ومهاجمة صحفيين وإعلاميين. وأفاد صحفيون بأن حكومة “الوفاق الوطني”، الحكومة المعترف بها دوليا، فرضت تدابير تقييدية ضد الصحفيين الدوليين وشبكات التلفزيون، بما في ذلك فرض مرافقة مراقبي الحكومة لهم أثناء الزيارات إلى ليبيا، وتقييد الوصول إلى المسؤولين والمؤسسات وكذلك مراكز احتجاز المهاجرين.