مسؤولون عراقيون يهددون ويعتقلون محامين
منع خدمات المحامين عن المشتبه في انتمائهم إلى “داعش” وأسرهم
قامت عناصر الأمن العراقيين بتهديد المحامين، وأعتقالهم في بعض الأحيان، لتقديمهم المساعدة القانونية للمشتبه في انتمائهم إلى تنظيم “الدولة الإسلامية” (المعروف أيضا بـ “داعش“) والأسر التي تُعتبر على علاقة بأفراد التنظيم، ما يحرمهم فعليا من الخدمات القانونية.
قال المحامون إنهم، وخوفا على حياتهم، توقفوا عن تمثيل المشتبه في انتمائهم إلى داعش أو الأشخاص الذين يُشكّ بارتباطهم بهؤلاء المشتبه بهم. نتيجة لذلك، يعتمد مشتبهو داعش على محامي الدفاع الذين تعينهم الدولة ونادرا ما يقدمون دفاعا كافيا اذا كان فعلا هناك محامين، وعادة ما تُمنع إمكانية الوصول إلى الخدمات القانونية عن العائلات المرتبطة بمشتبهين من داعش.
” وان الحكومة العراقية تهاجم المحامين لقيامهم بعملهم، وتمنع فعليا مَن هم بحاجة إلى خدمات قانونية من الحصول عليها. بالإضافة إلى كون هذه الهجمات غير قانونية، فهي تترك تأثيرا مدمرا على حكم القانون، إذ تبعث رسالة مفادها أن لبعض العراقيين فقط الحق في التمثيل القانوني في الوقت الذي يحق للجميع بالتمثيل القانوني”.
ويذكر ان المحامين يعملون في الموصل ونواحيها مع منظمات دولية ومحلية تقدم خدمات قانونية للمتضررين من النزاع المسلح الأخير في العراق. تشمل الخدمات الدفاع عن الأفراد ضد تهم الإرهاب ومساعدة العائلات التي كانت تعيش تحت سيطرة داعش في الحصول على الوثائق المدنية التي تحتاج إليها للعيش في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، وللاستفادة من رعاية الدولة (المعروفة بالبطاقة التموينية) التي فقدتها خلال الفترة التي قضتها تحت سيطرة داعش.
وقال جميع المحامين إنهم شهدوا تهديدات ومضايقات لفظية أو تعرضوا لها من عناصر “الأجهزة الأمنية” أو وزارة الداخلية وجهاز مكافحة الإرهاب لتقديمهم التمثيل القانوني لمَن تعتبرهم قوات الأمن “دواعش” أو “عوائل داعش”. قال أحدهم إن عنصرا من استخبارات وزارة الداخلية اعتقل أحد المحامين بسبب أنشطته القانونية لمدة ساعتين، بينما قال آخر إن المخابرات احتجزت مساعدَين قانونيَين لمدة شهرين، وأُطلقت سراحهما بدون تهمة.
قال المحامون جميعا إن قوات الأمن تعتبر أشخاصا معينين تابعين لداعش تلقائيا، استنادا إلى المناطق التي يأتون منها أو إلى قبائلهم أو أسماء عائلاتهم، أو إذا ظهرت أسماؤهم أو أسماء أقاربهم في مجموعة من قواعد البيانات الخاصة بـ “المطلوبين” للانتماء إلى داعش او مذهبهم.
قال المحامون الذين ساعدوا أشخاصا في الحصول على وثائق إنهم في حين لا يسألون موكليهم المحتملين ما إذا كان لديهم أقارب مطلوبون من السلطات، استجابوا للتهديدات من خلال رفض تمثيل أشخاص إن كان هناك مؤشر على أن أحد أقاربهم مطلوب أو محتجز لانتمائه لداعش. قالوا إن تمثيل هذه العائلات قد يؤدي إلى مزيد من التهديدات الشخصية، وأنّ وثائق هذه العائلات ستُرفض بجميع الأحوال، بالرغم من مساعدة المحامين القانونية.
قد يُحرم العراقيون الذين يفتقدون إلى الوثائق المدنية الكاملة من حقوقهم الأساسية. لا يمكنهم التنقل بحرية خوفا من الاعتقال، أو الحصول على وظيفة، أو التقدم بطلب للاستفادة من الرعاية الاجتماعية. قد يُعتبر الأطفال المحرومون من شهادات الميلاد عديمي الجنسية، وقد لا يُسمح لهم بالالتحاق بالمدرسة. كما لا تستطيع النساء المحرومات من شهادات وفاة أزواجهن والاستفادة من الميراث أو الزواج من جديد. يُضطر الأشخاص الذين فقدوا وثائق مدنية للمرور بعملية إدارية مرهقة أحيانا، ويستفيدون إلى حد كبير من مساعدة المحامين في تجاوز العقبات المختلفة للحصول على وثائقهم.
قال بعض المحامين إنهم مثلوا متهمين بالانتماء إلى داعش يواجهون الملاحقة الجنائية. لكنهم صرّحوا إنهم لا يقبلون الموكّل إلا إذا كانوا مقتنعين ببراءته، وبأنه سُجن خطأ، غالبا لأنه يحمل الاسم نفسه كشخص آخر منتمٍ إلى داعش.
قالت رئيسة إحدى المنظمات التي تقدم خدمات قانونية في 13 يوليو/تموز إنها حاولت إطلاق مشروع لتوفير التمثيل القانوني للنساء والأطفال المحتجزين بتهم الإرهاب في بداية 2018. ووظّفت محامية، لكنها استقالت في غضون شهرين، قائلة إن العمل خطير للغاية.استقالت محامية ثانية أيضا، ثم استقال محام آخر لأسباب أمنية. قالت إن “البرنامج انتهى”. أفاد محامي منظمة أخرى أنه حضر اجتماعا في الموصل في فبراير/شباط بين نائب رئيس جهاز الأمن الوطني في الموصل وأعضاء في نقابة المحامين في المدينة، ونقل قول النائب للمحامين: “أنصحكم بعدم تمثيل أي متهم بالإرهاب أو مشتبه به”. ردّ أحد المحامين بأن بعضهم قد يكون بريئا، فأجابه النائب قائلا: ” هذا الشيء لا يهم”.
قال إنه والمحامون الآخرون يرون في ذلك تهديدا واضحا، مضيفا أنّ أحد المحامين تجاهل النصيحة ومثّل عددا قليلا من الإرهابيين المشتبه بهم في محكمة نينوى لمكافحة الإرهاب، لكنه تنازل عن القضايا بسرعة بعد أن اتصل به ضابط أمن بالمحكمة وسأله عن سبب توليه هذه الحالات قائلا: “هل تنتمي أنت أيضا إلى داعش والمنظمات الارهابية؟”
كما هو الحال تلقت المنظمة على مدار العام الماضي معلومات من قُضاة ومحامين عن أكثر من 12 محاميا مطلوبا في نينوى، احتُجز بعضهم ويقبعون في السجن لتهم تتعلق بالإرهاب، بمن فيهم 5 في مديرية الاستخبارات ومكافحة الإرهاب التابعة لوزارة الداخلية في سجن الفيصلية شرقي الموصل.
ويضمن القانون الدولي لأي شخص متهم بجريمة يمكنه الوصول إلى محام في جميع مراحل الإجراءات الجنائية، بما في ذلك أثناء التحقيق، وإجراءات المحاكمة، وخلال المحاكمة نفسها. بموجب المادة 1 من المبادئ الأساسية للأمم المتحدة بشأن دور المحامين، “لكل شخص الحق في طلب المساعدة من محام يختاره بنفسه لحماية حقوقه وإثباتها، وللدفاع عنها في جميع مراحل الإجراءات الجنائية”. تنص المادة 14 من “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، الذي صدَّق عليه العراق، على أن “لكل متهم بجريمة ان يعطى من الوقت ومن التسهيلات ما يكفيه لإعداد دفاعه وللاتصال بمحام يختاره بنفسه”.
وبموجب القانون الجنائي الدولي، يمكن محاكمة المحامين والقضاة في حالات استثنائية عندما يساهمون بشكل مباشر في جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك جريمة الحرب المتمثلة في الإعدام عقب محاكمات جائرة.
في 30 أغسطس/آب، أرسلت المنظمة رسالة إلى ممثل المجلس الاستشاري لرئيس الوزراء، والمفتش العام لوزارة الداخلية، ونائب رئيس جهاز الأمن الوطني، تطلب معلومات إضافية حول سبب تعرض المحامين للهجوم. كما سألت المنظمة عن التدابير التي اتخذتها السلطات لإنهاء هذه الهجمات وطلبت معلومات عن عدد المحامين المحتجزين بتهم الإرهاب، والأساس القانوني لهذه التهم.
رد ممثل المجلس الاستشاري لرئيس الوزراء قائلا إن المحامين الذين تعرضوا لمثل هذه الهجمات يمكنهم تقديم شكاوى إلى قاض أو إلى نقابة المحامين أو لجنة حقوق الإنسان أو مكاتب المفتش العام في وزارتي الدفاع والداخلية، وإن “هناك تنسيقا مستمرا بين نقابة المحامين والمجلس الأعلى للقضاء لإنهاء مثل هذه الحالات من الترهيب والمضايقة ضد المحامين”. وأضاف أنه “لو ثبت أي من تلك المزاعم سيتم اتخاذ إجراءات رادعة بحق من يقومون بها”.
غير أن المحامين الذين تمت مقابلتهم في هذا التقرير قالوا إنه حسب خبرتهم، فإن العديد من القضاة في الموصل وحولها يعملون بشكل وثيق مع أجهزة الأمن. ويبدو أن بعض التعليقات التي أدلى بها بعض القضاة للمنظمة رافضين مزاعم المضايقات ومبررين اعتقال المحامين، تدعم تلك التصريحات. كما قال عضوان بارزان في نقابة المحامين لـلمنظمة إن الاعتقالات مبررة، وبدا من تعليقاتهما أنهما يقفان إلى جانب القضاة والأجهزة الأمنية. ونتيجة لذلك، لم يقدم أي من المحامين شكاوى لأي من الهيئتين. ولم يقل أي من المحامين إنه اتصل بالمفوضية العليا لحقوق الإنسان أو مكاتب المفتش العام.
كما أكد ممثل المجلس الاستشاري لرئيس الوزراء أنه “لا يوجد حالات احتجاز على خلفية كونهم محامين”. وقال إن بعض المزاعم المتعلقة بالانتماء إلى داعش قد تنبع من المجتمعات المحلية التي اضطرت للعيش في ظل التنظيم، ولم تنبع من الأجهزة الأمنية.
ينبغي للمفتش العام التحقيق في تهديدات عناصر المخابرات ضد المحامين. وينبغي لجهاز الأمن الوطني التحقيق في تهديدات عناصره ضد المحامين.
ينبغي للمجلس الأعلى للقضاء أن يعلن عن أساس ملاحقة المحامين الذين تم القبض عليهم في العام الماضي بتهم الإرهاب وضمان عدم محاكمة أي محامين بما يتعارض مع معايير الأمم المتحدة. ينبغي للمجلس أن يضمن حق المحامين وغيرهم من المحتجزين بتهم الانتماء إلى داعش في اختيار تمثيلهم القانوني. ويجب أن تُتخذ جميع التدابير اللازمة لضمان وصول من تعتبرهم السلطات أعضاء في داعش، مع ذلك، وصولا غير مشروط إلى المحاكم ووثائق الهوية الحكومية.
ينبغي لرئيس الوزراء ورئيس نقابة المحامين إصدار تصاريح تدعو جميع المسؤولين العراقيين إلى احترام المادة 24 من قانون المحامين (رقم 173 لسنة 1965 مع تعديلاته)، التي تنص على ألا يواجه المحامي عواقب جنائية أو مدنية عما يورده في مرافعاته بالنيابة عن موكله.
على العراق، تمشيا مع دعوته الدائمة إلى جميع خبراء الأمم المتحدة، دعوة المقرر الخاص لمجلس حقوق الإنسان بشأن استقلال القضاة والمحامين إلى زيارة العراق للتحقيق، وتقديم التوصيات المناسبة لمكافحة الهجمات ضد المحامين ومهنة المحاماة.
على المانحين الدوليين الذين يمولون المساعدات للعائلات النازحة في العراق و المحاماة الضغط من أجل الإنهاء الفوري للاعتقالات التعسفية والتهديدات والترهيب والمضايقة من جانب المسؤولين الأمنيين للمحامين، وغيرهم من العاملين في مجال المساعدة القضائية الذين يساعدون النازحين. عليهم الضغط على السلطات المدنية المعنية والمسؤولين الأمنيين لضمان الوصول دون عوائق إلى المحاكم والسجلات المدنية للمنظمات التي تقدم المساعدة القانونية، والوصول غير المشروط إلى الوثائق المدنية لجميع النازحين العراقيين، بما في ذلك أولئك الذين ينظر إليهم على أنهم منتمون إلى داعش أو أسرهم.
“الآن، وبعد أن قال العراق إنه تخطى مرحلة صعبة بإنهاء الحرب ضد داعش، على السلطات بذل كل الجهود لضمان احترام حقوق المواطنين الأساسية وحمايتها. على الحكومة العراقية تفادي تنفيذ عقاب جماعي”.
تنص مبادئ الأمم المتحدة الأساسية لعمل المحامين على أن يكون لأي شخص موقوف أو متهم بجناية، الحق في أن يعين لهم محامون ذوو خبرة وكفاءة تتناسبان مع طبيعة الجريمة لتقديم مساعدة قانونية مجدية مجانية لمن ليس لهم موارد كافية لدفع تكاليفها، في جميع الحالات التي تقتضي فيها مصلحة العدالة ذلك.
كما تنص المبادئ على أن “تكفل الحكومات للمحامين…. القدرة على أداء جميع وظائفهم المهنية بدون تخويف أو إعاقة أو مضايقة أو تدخل غير لائق،” و”عدم تعريضهم ولا التهديد بتعريضهم، للملاحقة القانونية أو العقوبات الإدارية والاقتصادية وغيرها نتيجة قيامهم بعمل يتفق مع واجبات ومعايير وآداب المهنة المعترف بها.”
وتنص أيضا على أنه لا يجوز، نتيجة لأداء المحامين لمهام وظائفهم، أخذهم بجريرة موكليهم أو بقضايا هؤلاء الموكلين وعلى أن يتمتع المحامون بالحصانة المدنية والجنائية بالنسبة للإفادات التي يدلون بها بنية حسنة في مرافعاتهم أو لدى مثولهم أمام المحاكم.
التهديدات
“عمر”، محام لدى منظمة تقدم المساعدة القانونية للأشخاص في الموصل وحولها، قال إنه في فبراير/شباط اقترب منه مدير المخابرات حينما كان في مكتب المخابرات في وزارة الداخلية في مدينة حمام العليل حيث كان يقدم طلبات تصاريح أمنية ووثائق مدنية لعائلات محلية نزحت إلى مخيمات بسبب القتال. ينبغي أن تحصل جميع العائلات على تصاريح أمنية للحصول على وثائق أو للعودة إلى مناطقها. قال إن مدير المخابرات قال له “إن قدمت أسماء موجودين على لائحة المطلوبين، سنحقق معك”.
في وقت لاحق من ذلك الشهر، كانت منظمته تعقد جلسات للمساعدة القانونية في مدرسة في الموصل. بعد الجلسة الأولى، اقترب منه رجلان قالا إنهما ضابطان من مخابرات “قوات الحشد الشعبي”، التي تأتمر من رئيس الوزراء، وقال له أحدهما “يوجد العديد من العائلات المنتمية إلى داعش في الحي، ولا يسمح لكم بمساعدتهم”. قال عمر إنه شرح طبيعة عمل المنظمة والمبادئ الأساسية الإنسانية وراء عملهم. لكنه لاحظ في الجلستين التاليتين رجال في لباس مدني يراقبون الجلسات، لذا أنهت المنظمة المشروع.
“محمد” الذي يدير فريقا من المحامين يعملون مع منظمات أخرى، قال إنه خلال الأشهر الماضية، هدده ضباط من المخابرات في 4 مكاتب مختلفة تصدر وثائق مدنية جديدة. قال إنه في أبريل/نيسان ذهب إلى “دائرة الجنسية والأحوال الشخصية” في حمام العليل آخذا مجموعة من الملفات نيابة عن عائلات محلية نازحة إلى المخيمات القريبة. لكن ضباط من مخابرات وزارة الداخلية الذين يمنحون التصاريح الأمنية رفضوا ختم الملفات وقالوا “أنتم في المنظمات غير الحكومية تدعمون داعش ولا تخافون؟” واعتبر محمود هذه العبارات تهديدا.
في مايو/أيار، توجه إلى مكتب الوزارة في القيارة، على بعد 60 كيلومترا جنوبي الموصل، للغرض عينه. رفض الضابط هناك ختم الملفات بدون حتى أن يقرأ الأسماء وهدده: “أنت هنا للدفاع عن عوائل داعش، ونحن نعلم ما تخططون له. من الأفضل أن تحذر.”
قال محمد إنه في أوائل يونيو/حزيران أرسل فريقا من المحامين إلى العياضية، على بعد 60 كيلومترا من شمال غربي الموصل. حصل ضباط الوزارة على رقمه من فريقه واتصلوا به وطلبوا منه المجيء. حين أخبرهم بأنه مشغول ولا يمكنه المجيء، هدده الضابط “سنجد طريقة لجلبك”. ورفض ختم أي من الملفات واضطر المحامون إلى الرحيل.
قال إنه توجه مؤخرا في أواخر يوليو/تموز إلى مديرية الأحوال الشخصية في تلعفر، على بعد 60 كيلومترا غرب الموصل، آخذا مجموعة من الملفات نيابة عن عائلات محلية. لكن مسؤولي الوزارة رفضوا إعطاءه التصاريح الأمنية: “رفض أخذ الملفات وهدد ’لا يحق لك المجيء لمساعدة النازحين للحصول على بطاقات الهوية. تقتصر مهامك على المساعدة الإنسانية‛“.
قال محام يعمل لدى منظمة أخرى إنه توجه إلى مديرية الأحوال الشخصية في القيارة حاملا ملفي شابين مراهقين توفي والدهما وتخلت عنهما والدتهما. قال المحامي إنه طلب من ضابط من جهاز الأمن الوطني تصريحا أمنيا للاستحصال على وثائق مدنية للشابين. تابع المحامي أن الضابط ألقى نظرة إلى الملف ورفض قائلا “إن أحضرت ملفا آخرا كهذا سآخذك إلى حيث لن ترى الشمس مجددا”.
قال “أكرم”، وهو شخص آخر يدير فريقا من المحامين لصالح منظمة، إنه في منتصف يونيو/حزيران اتصل به فريقه ليخبره أن ضباط المخابرات في مديرية الموصل للأحوال الشخصية يمنعونهم من تقديم الملفات للحصول على التصاريح الأمنية نيابة عن العائلات التي يعتبرها الضباط مرتبطين بداعش. قال أكرم إنه توجه إلى المديرية والتقى ضابط أمني مسؤول، ظنه أنه من مخابرات وزارة الداخلية، لكنه لم يعرف عن نفسه بوضوح. قال إن الضابط أمره بالتوقف عن إحضار هذه الملفات إلى المديرية قائلا “لن ننجز هذه المعاملات وإن تابعت العمل على هذا النوع من الملفات وإحضارها لنا سنؤذيك وفريقك”. وقال محاميان آخران إنهما تلقيا التهديدات نفسها في المديرية المدنية في شرق الموصل ومحكمة نينوى لمكافحة الإرهاب.
قال “إبراهيم” إنه لن يشعر بالأمان أبدا إن دافع عن مشتبه به في حال وجود أدلة كافية لارتباطه بتنظيم الدولة الإسلامية. وأضاف أنه في أوائل شهر أغسطس/آب، عينته المحكمة لتمثيل شخص مشتبه في كونه في داعش يحاكم في محكمة نينوى لمكافحة الإرهاب. بعد انتهاء المحاكمة، قال إن ضابطا من قوات “السوات” التي هي تحت إمرة وزارة الداخلية، اقترب منه و قال له “نحن نجلب في الصباح شخصا وبعد الظهر نأخذ 5”. قال “إبراهيم” إنه فهم حديثه على أنه تهديد واضح بإمكانية اعتقاله. واشتكى فورا إلى القاضي الذي وبّخ الضابط.
قال إنه في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، تلقى اتصالا من رقم مجهول بينما كان يقطع حاجز التفتيش الرئيسي للدخول إلى مدينة أربيل وسمع صوتا يهدده “أعلم أنك محام لدى منظمة تساعد داعش. مثلت اليوم أمام المحكمة وأنت حاليا عند حاجز التفتيش في طريقك إلى أربيل”، قبل أن ينهي المكالمة.
التوقيفات
قال “كريم”، محام آخر، إنه في يونيو/حزيران ذهب إلى مديرية المخابرات التابعة لوزارة الداخلية في الشرقاط، على بعد 90 كيلومتر جنوبي الموصل، للاستحصال على تصاريح أمنية لثلاث عائلات محلية نزحت إلى مخيم: نظر ضابط إلى الملفات وراجع الأسماء في قاعدة البيانات وقال إنهم “مطلوبون”. وتابع أنه لا يمكنني مغادرة المكتب – سيأخذني لأمثل أمام قاض ليوقفني بتهمة التعاون مع داعش. اتصلت بمديري وبعد ساعتين من تدخل بعض الأشخاص الرفيعي المستوى، سمح لي الضابط بمغادرة المكتب، لكنه صادر ملفات العائلات. وكنت أشرح للضابط طوال الوقت أنني لم أكن أعلم أنهم عوائل داعش. قال إنه يخشى الاعتقال منذ ذلك الوقت، حتى لو ترك عمله.
قال خالد إنه في يناير/كانون الثاني كان يعمل مع منظمة محلية أخرى لمساعدة عائلات من بزاوية، ضاحية شرقي الموصل، للحصول على وثائقهم المدنية. قال إن مدير المنظمة الشريكة اتصل به ليخبره بأن ضباط من مخابرات وزارة الداخلية في مديرية الأحوال الشخصية في بزاوية اعتقلوا موظفَين في المنظمة حين كانا يحاولان ختم ملفات العائلات.انتظر خالد شهرا حتى تهدأ الأوضاع قبل أن يزور مكتب المنظمة الشريكة في بزاوية. عند وصوله، قال إن ضابطان كانا متمركزين عند الباب منعاه من الدخول وسألاه عن سبب مجيئه. قال أنه تفاوض معهما حتى دخل وتحدث إلى رئيس المنظمة الذي قال إن موظفيه اعتقلا بسبب خالد والملفات التي سلمتها منظمته لهم لإنجازها. أخبر رئيس المنظمة خالد في وقت لاحق أن الموظفين أطلق سراحهما بعد شهرين بدون توجيه أي تهمة إليهما.
حين استفسرت منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية عن المحامين الذين اعتقلوا في نينوى، قال قاضيان في محكمة نينوى لمكافحة الإرهاب وقاض في محكمة الموصل الجنائية إن المحامين متهمان بارتكاب أفعال معينة قبل أو خلال حكم داعش، أو لتعاونهم مؤخرا مع عائلات أفراد مشتبه في انتمائهم إلى داعش في التعرف إلى وقتل شهود يقدمون شهاداتهم ضد أقربائهم.
طلبت منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية رؤية ملفات قضايا المحامين المتهمين آملة تحديد أسس التهم الموجهة إليهم، لكن القضاة رفضوا قائلين إن القضايا “سرية للغاية”. أحد كبار القضاة قال إنه منذ أصدرت مذكرات التوقيف، لم يعد المحامون يقبلون التكليف بقضايا لمشتبه في انتمائهم إلى داعش، ويكتفون بقبول قضايا أشخاص يظنون أنهم اتهموا زورا، عادة بسبب تشابه أسماء مع مطلوبين.
العنقودية، كذخيرة صغيرة غير منفجرة روسية/سوفييتية الصنع من طراز 9إن235.