الألغام الأرضية الحوثية تقتل المدنيين وتمنع المساعدات في اليمن
(اليمن) – قالت ” منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية” اليوم إن استخدام قوات الحوثيين الواسع للألغام الأرضية على طول الساحل الغربي لليمن منذ منتصف 2017 قتل وجرح مئات المدنيين ومنع منظمات الإغاثة من الوصول إلى المجتمعات الضعيفة. يحظر القانون اليمني و”اتفاقية حظر الألغام” لعام 1997 استخدام الألغام المضادة للأفراد؛ استُخدمت الألغام المضادة للمركبات عشوائيا في انتهاك لقوانين الحرب، ما شكل خطرا على المدنيين بعد فترة طويلة من توقف القتال.
قتلت الألغام الأرضية المزروعة في الأراضي الزراعية والقرى والآبار والطرق 140 مدنيا على الأقل، من بينهم 19 طفلا، في محافظتي الحديدة وتعز منذ 2018، وفقا لـ موقع “مشروع رصد الأثر المدني”، وهو مصدر بيانات إنسانية. منعت الألغام الأرضية والأجهزة المتفجرة اليدوية الصنع المنظمات الإنسانية من الوصول إلى السكان المحتاجين، وأدت إلى منع الوصول إلى المزارع وآبار المياه، وألحقت الأذى بالمدنيين الذين يحاولون العودة إلى ديارهم.
وقالت منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية”لم تقتل وتشوه الألغام الأرضية التي زرعها الحوثيون العديد من المدنيين فحسب، بل منعت اليمنيين المستضعفين من حصاد المحاصيل وجلب المياه النظيفة التي هم في أمس الحاجة إليها للبقاء على قيد الحياة. منعت الألغام أيضا منظمات الإغاثة من جلب الغذاء والرعاية الصحية للمدنيين اليمنيين الذين يعانون من الجوع والمرض بشكل متزايد”.
زار باحثو منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية مدينة عدن الساحلية الجنوبية في فبراير/شباط 2019 وأجروا مقابلات مع مدنيين جرحوا بسبب الألغام الأرضية إضافة إلى مدنيين فارين من المناطق الملغومة، وعمال الإغاثة، وأحد مهندسي التخلص من الألغام من المركز التنفيذي اليمني لمكافحة الألغام؛ وتم تحليل مقاطع الفيديو والصور التي جمعوها في اليمن؛ واستعرضوا ما نشرته القنوات الإعلامية الحكومية والعسكرية الحوثية.
وجدت منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية أدلة على أنه بالإضافة إلى زرع الألغام الأرضية المضادة للأفراد، زرعت القوات الحوثية الألغام المضادة للمركبات في المناطق المدنية، والألغام المضادة للمركبات المعدلة لكي تنفجر من وزن الشخص، والأجهزة المتفجرة يدوية الصنع المموهة على شكل صخور أو أجزاء من جذوع الأشجار. كما وجدت منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية أن الحوثيين استخدموا الألغام المضادة للأفراد في حيران، قرب الحدود السعودية، وأكدوا استخدامهم للألغام البحرية على الرغم من المخاطر التي تتعرض لها سفن الصيد التجارية وسفن المساعدات الإنسانية.
قال الضحايا والشهود لمنظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية إن المناطق التي تسببت فيها الألغام الأرضية في سقوط قتلى وجرحى كانت تسيطر عليها قوات الحوثيين سابقا، وإن المدنيين لم يتعرضوا للأذى حتى قامت قوات الحوثيين بالانسحاب منها، في الوقت الذي يفترض أن الألغام زرعت فيه. قال رجل عمره 25 عاما نزح من قرية النخيل في مديرية التحيتا، إن الحوثيين زرعوا ألغاماً في قريته تقريبا في مايو/أيار 2018: ” وقال حذرني [الحوثيون] وقالوا: ’لا تدخل هذه المنطقة، نحن نزرع الألغام فيها‘. “قالوا لي إن المنطقة ملغومة”.
قالت منظمتا إغاثة إن الألغام الأرضية في الساحل الغربي جعلت الوصول إلى 3 منشآت للمياه على الأقل غير ممكنا. بالإضافة إلى ذلك، صعبت الألغام الأرضية على الأهالي إطعام أنفسهم والحفاظ على دخلهم. قال 5 أشخاص إنهم أصيبوا، أو إن أقاربهم قُتلوا عندما انفجرت الألغام الأرضية في أراضي المزارع أو المراعي، وقال كثير من النازحين إن الألغام حالت مما حصاد المحاصيل بأمان وقُتلت مواشيهم القيمة.
وقالت منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية إن الألغام الأرضية منعت المنظمات الإنسانية من الوصول إلى المجتمعات المحلية المحتاجة على طول الساحل الغربي. وشملت هذه القرى والبلدات في مديرتي التحيتا وموزع ، وكذلك مدينة الحديدة الساحلية الرئيسية. قالت 3 منظمات إغاثة إنها لا تستطيع الوصول إلى الأماكن الرئيسية أو تقديم الخدمات إلى المناطق لأن الألغام الأرضية زرعت هناك أو على طول الطريق. لا يمكن الوصول إلى العديد من هذه المجتمعات إلا عبر الطرق الترابية، وهي أكثر خطورة من الطرق الإسفلتية.
وقالت منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية إن استخدام الحوثيين للألغام الأرضية، التي تحرم الناس من مصادر المياه والغذاء، تسهم في الأزمة الإنسانية في كامل أنحاء البلاد التي مزقتها الحرب. في 9 أبريل/نيسان، وصفت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ليز غراندي اليمن بأنه يشهد “أسوأ أزمة للأمن الغذائي في العالم وإحدى أسوأ حالات تفشي الكوليرا في التاريخ الحديث”. جميع المناطق المذكورة هنا هي إما في حالة أزمة أو مستويات طارئة من انعدام الأمن الغذائي، في حين أن حالات الكوليرا في ارتفاع في محافظة الحديدة وتعز.
أبلغت السلطات في صنعاء، العاصمة التي يسيطر عليها الحوثيون، هيومن رايتس ووتش في أبريل/نيسان 2017 بأنها تعتبر معاهدة حظر الألغام لعام 1997، والتي صادق عليها اليمن في 1998، مُلزمة. بالإضافة إلى حظر الاستخدام في معاهدة حظر الألغام، تجوز محاكمة الأفراد المسؤولين عن استخدام الأسلحة المحظورة أو شن هجمات عشوائية على أنها جرائم الحرب.
وقالت منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية إن على سلطات الحوثيين الكف فورا عن استخدام هذه الأسلحة والتحقيق بشكل موثوق ومعاقبة القادة المسؤولين عن استخدامها. على كل من فريق الخبراء البارزين التابع للأمم المتحدة وفريق خبراء مجلس الأمن التحقيق في استخدام الحوثيين للألغام الأرضية وتحديد الأفراد المسؤولين عن استخدامها على نطاق واسع حيثما أمكن. ينبغي لفريق الخبراء التحقيق في الأفراد الذين قد يكونون مسؤولين عن جرائم الحرب، بما في ذلك إعاقة المساعدات التي لا غنى عنها لبقاء المدنيين.
ينبغي لمجلس الأمن أن يفرض عقوبات محددة على جميع الأفراد المسؤولين عن هذه الانتهاكات، بينما فرض المجلس عقوبات على زعماء الحوثيين،
بينما تتحمل قوات الحوثيين المسؤولية الأساسية عن الإصابات بين المدنيين والأضرار المدنية المتوقعة من الألغام الأرضية، فإن التدريب غير الكافي لمزيلي الألغام وسوء التنسيق بين فرق إزالة الألغام قد ساهم في المشاكل في المناطق المزروعة بالألغام. لم تفصح فرق إزالة الألغام المختلفة كما يجب عن المعلومات حول أنواع الأجهزة المكتشفة ومواقعها.
راجعت منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية فيديوهات لثلاث عمليات على الأقل للكشف عن الألغام وإزالتها على الساحل الغربي لليمن، والتي من الواضح أنها لم تمتثل لـ”المعايير الدولية للإجراءات المتعلقة بالألغام” وممارسات إزالة الألغام الآمنة. يظهر نازعو الألغام وهم يزيلون الألغام الحية بينما يقف الأطفال والمدنيون في مكان قريب. تعاملت وسائل الإعلام الرسمية للحوثيين مع مقتل نازعي الألغام الموالين لحكومة الرئيس هادي على أنه انتصار، رغم أن الألغام المضادة للأفراد غير قانونية واستُخدمت الألغام المضادة للمركبات بشكل عشوائي.
على جميع المنظمات الإنسانية لإزالة الألغام مشاركة المعلومات من خلال استجابة منسقة تتبع المعايير الدولية للإجراءات المتعلقة بالألغام. يجب أن تتضمن المعلومات المشتركة مواقع الألغام واستخدامها وأنواع الأجهزة، للسماح بتدريب أفضل وممارسات أكثر أمانا لإزالة الألغام. قالت هيومن رايتس ووتش إن على جميع أطراف النزاع، بمن فيهم الحوثيون والحكومة اليمنية، تسهيل إزالة الألغام، بما يشمل توفير التأشيرات للخبراء والموافقة على المعدات التقنية والوقائية لنازعي الألغام.
وقالت منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية إن على الحكومة اليمنية. تحسين جهود إزالة الألغام على وجه السرعة وزيادة المساعدات لضحايا الألغام الأرضية، وهو الأمر الذي يتعين على الحكومات المعنية أن تدعمه.
“وعلى زعماء الحوثيين أن يوقفوا فورا استخدامهم للألغام الأرضية، الذي قد يحاسَبون عليه ذات يوم. على الحكومات المعنية بالآثار المدمرة للألغام الأرضية في اليمن دعم جهود إزالة الألغام، بما يشمل تحسين التدريب والتنسيق، بالإضافة إلى مساعدة الضحايا”.
استخدام الألغام الأرضية في اليمن
استخدم الحوثيون والقوات المتحالفة معهم والمدعومة من ايران الألغام الأرضية في 6 محافظات على الأقل في اليمن في مارس/آذار 2015. سُجل في مديريتَيْ الدريهمي والتحيتا في محافظة الحديدة أكبر عدد من الوفيات المبلغ عنها بسبب الألغام الأرضية في 2018، وفقا لموقع “مشروع رصد الأثر المدني”. لا تمثل البيانات عدد الحوادث، فالكثير منها لا يُبلَّغ عنها أو لا يبلَّغ عنها كحوادث ألغام.
أفاد “المركز اليمني التنفيذي لمكافحة الألغام”، الذي ينسق النشاط المتعلق بالألغام، أن الجيش اليمني أزال 300 ألف لغم في جميع أنحاء البلاد بين 2016 و2018. ووثقت منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية في السابق استخدام الحوثيين للألغام الأرضية المضادة للأفراد والمضادة للمركبات بين 2015 و2018 في محافظات أبين وعدن ولحج ومأرب وتعز.
في فبراير/شباط في عدن، قابلت منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية 8 أشخاص أصيبوا بسبب الألغام الأرضية؛ 63 شخصا فروا من محافظتي الحديدة وتعز، بما في ذلك مدينة الحديدة؛ العاملون المحليون والدوليون في المجال الإنساني؛ وأعضاء “الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان” اليمنية الذين وثقوا استخدام الألغام الأرضية. تلقى الباحثون صورا للألغام والعبوات اليدوية الصنع من صحفي محلي سافر إلى الساحل الغربي، وصحفي دولي سافر مع قوات الحكومة اليمنية على طول الحدود السعودية، والعقيد عبد الله علي سرحان، خبير المركز اليمني التنفيذي لمكافحة الألغام الذي أشرف على إزالة الألغام على الساحل الغربي من 2016 وحتى وفاته في الخدمة 2018. وقد كتبت منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية إلى السلطات الحوثية في صنعاء، طالبة ردها على استخدام قواتها للألغام الأرضية، لكنها لم تتلق ردا قبل النشر.
استخدام الحوثيين للألغام.
قال سكان مدينة الحديدة الساحلية وقرى محافظة الحديدة إنه عندما كانت أحياؤهم تحت سيطرة الحوثيين، حذرهم الحوثيون من الألغام أو أن الطرق الآمنة سابقا أصبحت غير آمنة بسبب الألغام. قال “محمد” (40 عاما) من حي أبو حلفه بالقرب من ميناء الحديدة، إنه فر هو وأسرته في منتصف 2018 عندما اشتد القتال في المنطقة:
حفروا (الحوثيون) الخنادق على طول شارع التسعين، ووضعوا عبوات ناسفة، ووضعوا حاويات في الحفر. كان هناك مسار صغير، طريق صغير جدا في المنتصف يمكنك استخدامه للخروج والدخول لم يكن ملغوما.
وقالت منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية. إن المقاتلين الحوثيين يجنّدون الأطفال دون سن 18 عاما بالقوة. وقالت إن قادة الحوثيين كانو على علم بالألغام التي زرعت بالقرب من شارع التسعين، وألغاما مطابقة لوصف الألغام المضادة للمركبات الموضوعة بالقرب من الميناء والمطار: ” وقد رأت منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية هناك ألغاما من أنواع مختلفة. (واحد) بدا وكأنه طبق، كان لونه أخضر، بالقرب من المطار. بالقرب من الميناء،.
أكدت وسائل الإعلام العسكرية الحوثية استخدام قواتها للألغام الأرضية والألغام البحرية. تباهى موقع “أنصار الله” الرسمي والقنوات الإعلامية للحوثيين على “يوتيوب” وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام الألغام الأرضية العسكرية في المناطق التي وثقت فيها منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية الخسائر بين المدنيين، فضلا عن استخدام الألغام البحرية.
في 18 يناير/كانون الثاني 2018، أفادت قناة إعلامية عسكرية للحوثيين أن لغما أرضيا قتل أو جرح “منافقين” من “دورية راجلة ” في قرية الزاهر بمحافظة البيضاء، ما يشير إلى استخدام قوات الحوثيين للألغام المضادة للأفراد المحظورة. بالإضافة إلى ذلك، في 23 يناير/كانون الثاني 2018، أعلنت قناة إعلامية للحوثيين أن الألغام الأرضية قتلت وجرحت “مرتزقة العدوان” عندما كانوا يحاولون التسلل إلى محطة كهرباء في مدينة تعز. أعلن بيان للحوثيين في 19 يونيو/حزيران أن 7 أشخاص لقوا حتفهم عندما فجرت شاحنة عسكرية موالية للحكومة لغما أرضيا في الدريهمي، بمحافظة الحديدة. في 5 ديسمبر/كانون الأول، أعلنت قناة إعلامية رسمية أن سيارة مدرعة تابعة لوحدة إزالة الألغام العسكرية الموالية للحكومة فجرت لغما أرضيا في قرية الفازة في مديرية التحيتا.
الهجمات التي تستخدم أسلحة محظورة على أهداف عسكرية أو بطريقة عشوائية بشكل غير قانوني تشكل انتهاكات لقوانين الحرب. ظلت الألغام في هذه المناطق بعد عودة المدنيين تسبب الوفيات والإصابات، وفقا لبيانات موقع مشروع رصد الأثر المدني.
في 11 أكتوبر/تشرين الأول، روجت قناة “البأس اليماني” الإعلامية صورا ومقاطع فيديو للغواصين البحريين الحوثيين يقفون بجوار الألغام البحرية من طراز “مِرْصاد” ونشروها لاحقا. ذكرت الكتابة التي تظهر بشكل بارز على الألغام أنها صنعت في اليمن. كما تلقت منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية صورا لألغام بحرية يمنية الصنع حصلت عليها فرق إزالة الألغام من صحفي محلي.
الألغام تعيق المساعدات الإنسانية.
قال عاملون في المجال الإنساني من 3 مجموعات إغاثة إن الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة منعت منظماتهم من الوصول إلى المجتمعات المحتاجة. قال أحد عمال الإغاثة إن “الألغام تؤثر بالتأكيد على وصول المساعدات الإنسانية. يقول بعض السكان المحليين إن (المنطقة) آمنة لأننا ´نستطيع السفر إليك´، لكن لا يمكننا الذهاب إليها بسبب التلوث المحتمل بالألغام… (هناك) كثير من الأماكن التي لم نذهب إليها بسبب الألغام”.
قال عمال الإغاثة تحديدا إن وجود الألغام الأرضية منعهم من السير على الطرق غير المعبدة للوصول إلى المجتمعات المحتاجة في عديد من المناطق الساحلية الغربية، بما فيها موزع، والوازعية، والمخا، والتحيتا. قال ممثل مجموعة إنسانية تعمل في الجنوب: “(عندما) كنا نحاول الوصول إلى التحيتا، أحد أسباب توقفنا… كان وجود الألغام على طول طريق. لا أعرف حقا حجم انتشار الذخائر غير المنفجرة لأننا لا نملك بيانات موثوقة”.
يمكن أن يكون السفر على الطرق في المناطق الملغمة خطيرا. من بين 39 حادثة لغم أرضي أبلِغ عنها وقتلت 146 مدنيا في الحديدة عام 2018، كان أكثر من نصفها على الطرق، وفقا لموقع مشروع رصد الأثر المدني. قُتل موظف إغاثة في موزع نتيجة انفجار لغم أثناء خروجه عن إحدى الطرق الرئيسية. وثّقت هيومن رايتس ووتش 3 حالات في محافظتي الحديدة وتعز لإصابات مدنية على الطرق الترابية.
الوصول غير الآمن إلى المزارع والمراعي ومرافق المياه.
تسببت الألغام الأرضية في المزارع والمراعي بمقتل أو إصابة مدنيين بإصابات خطيرة، ومنع آخرين من الحصول على الطعام أو كسب المال. وثّقت منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية 5 حوادث في المزارع أسفرت عن مقتل 3 مدنيين وجرح 6. تعرض “منصور”، وهو عامل مزرعة بالقطابا، في مديرية خوخة بمحافظة الحديدة، لإصابات خطيرة وحروق عندما ضرب محراثه لغما في مزرعة للخضروات أوائل 2019.
قال “حسن”، وهو راعٍ في قرية العمري قرب المخاء، إن ابنه البالغ من العمر 15 عاما أصيب بحروق وإصابات خطيرة في انفجار لغم أرضي في ديسمبر/كانون الأول 2018، بينما كان الاثنان يرعيان مواشيهما. قال إنه كان على دراية بالمخاطر “كان لدي عديد من الحيوانات، بما فيه 3 جِمال، وماتت جميعها جراء حوادث الألغام في أوقات مختلفة خلال العامين الماضيين في المنطقة”.
قال إنه في اليوم الذي أصيب فيه ابنه.
غادرنا المنزل للذهاب إلى البئر والحصول على الماء. ثم كنا نرعى الماعز والأغنام، وعلى بعد حوالي نصف كيلومتر (مني) وقع انفجار. سمعت الانفجار وركضت إلى (ابني). جميعنا كنا خائفين، لكنني رأيته مستلقيا هناك، فقلعت وشاح رأسي وبدأت في لفه حول جسده وجراحه.
قالت الفرق الإنسانية إنها عثرت على أدلة على أن الحوثيين زرعوا ألغاما في الآبار وغيرها من منشآت المياه في عديد من مواقع الساحل الغربي، بما فيها الزهيري والمخاء والحيمة والخوخة، وكذلك في محطة المياه الرئيسية في مديرية التحيتا.
حاول أحد سكان الزهيري إصلاح بئر البلدة، فداس على لغم، وأصيب بجروح. قالت منظمة إنسانية إن شاحنة إصلاح كانت تزور الموقع نفسه فتسببت في انفجار لغم. دمر لغم أرضي شاحنة لنقل المياه. قال أحد عمال الإغاثة “إن المنظمات… التي تعمل على تحسين أو إصلاح نقاط المياه هذه والآبار تخاطر للوصول إلى المواقع. إنها عقبة رئيسية”.
الألغام تمنع العودة الآمنة إلى الديار.
تمنع الألغام العائلات النازحة بسبب القتال السابق من العودة إلى ديارها. قابلت منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية ان حوالي 83 شخصا فروا من مناطق القتال الجاري، بما فيها مدينة الحديدة خلال ذروة العمليات العسكرية عام 2018، بالإضافة إلى جيوب القتال في التحيتا وبيت الفقيه والدريهمي، في محافظة الحديدة. قال ممثل عن مخيم النازحين الذي كان يضم حوالي 750 أسرة في عدن إن “الوضع هادئ في كثير من البلدات أو القرى التي تعيش فيها هذه الأسر، لكن هناك كثير من الألغام الأرضية. لذلك لا يمكنهم العودة إلى منازلهم. بسبب ان الألغام في المزارع، وفي الطرق، ومخبأة في أشكال مختلفة مثل الأحجار، أو الأشجار. كانت هناك حالات إصابات. بسبب الألغام، بعضهم في عيونهم، أو أجسادهم أو أرجلهم”.
لتوثيق منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية ما يجري تم اللقاء بعدة أشخاص “عمر” (15 عاما) فقد ساقه من أسفل الركبة عند محاولته العودة إلى قريته بني جمال، في التحيتا التي فرّ منها قبل شهر بسبب اشتباكات في المنطقة. توفي شقيقه البالغ من العمر 13 عاما في نفس الحادث. كان الصبيان يسافران مع 9 نساء و4 أطفال من أقاربهما في حافلة صغيرة على طريق ترابي بين النخيل والتحيتا عندما انفجر لغم في مقدمة السيارة، ما أدى إلى قلبها. توفي السائق وشقيق فؤاد، بينما أصيب فؤاد الذي كان جالسا بجوارهما بجروح خطيرة.
قال شقيق فؤاد، وعمره 25 عاما، إن منطقة الفلاح التي انفجر فيها اللغم، كانت الطريق الرئيسي إلى التحيتا، وتقع بين الحوثيين والقوات الحكومية. كان الحوثيون قد انسحبوا من التحيتا إلى الأراضي الزراعية المحيطة، بينما حاصرت القوات الحكومية المنطقة. قال إنه بعد سيطرة القوات الحكومية على المنطقة، أزال الفريق العسكري لنزع الألغام المتفجرات من المناطق المأهولة بالسكان، ولكن ليس من الضواحي أو الأراضي الزراعية. قال إنه لم يتم تحديد مكان الألغام أو نشر أي علامات تحذر من وجودها.
قال “عبد الله” (12 عاما) من قرية الزهيري الصغيرة في المخاء إنه أصيب عندما انفجر لغم أرضي قرب منزله. كان قد عاد إلى الزهيري مع جدّيه من الحديدة قبل 3 أشهر بعد سيطرة القوات الحكومية على المنطقة من الحوثيين. في أحد الأيام كان يسير إلى المنزل عائدا من الصيد مع عمه وابن عمه البالغ من العمر 13 عاما، عندما داس عمه على لغم في فناء منزل الجيران، على بعد حوالي 10 أمتار من منزله:
وقع انفجار كبير… رماني في الهواء ثم على شجرة. فقدت الوعي وعلقت في الشجرة لساعة تقريبا. نُقل (ابن عمي) على الفور في سيارة إسعاف حوالي الساعة 1 بعد الظهر، لكن لم أنقَل حتى الساعة 3 مساء، لأنهم لم يروني في الشجرة. استيقظت وبدأت في البكاء وسمعني أحدهم وأخرجني من الشجرة وأخذوني إلى العيادة.
توفي عمه وأصيب ابن عمه بجروح. فقد عبد الله الرؤية في عينه اليسرى، وأصيب بحروق في كامل ذراعه اليسرى والجانب الأيسر من وجهه.
عمليات خطرة وغير منسقة لإزالة الألغام.
تُنفذ عمليات إزالة الألغام في اليمن من قبل فرق مختلفة، بما فيها فرق هندسية عسكرية متعددة موالية للحكومة اليمنية ومدعومة من الإمارات على طول الساحل الغربي، ومزيلي الألغام المدنيين الذين يعملون لحساب الحكومة اليمنية، والمجموعات الإنسانية، والشركات الخاصة. بناء على مقابلات ومراجعة فيديوهات، وجدت منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية أنه في عديد من الحالات كانت إزالة الألغام عشوائية، وبطرق غير آمنة. سمح العاملون في إزالة الألغام للمدنيين بمن فيهم حشود الأطفال بالوقوف على بعد أمتار قليلة من عمليات الإزالة؛ ونقلوا وحملوا الألغام دون إزالة الصواعق؛ ونفذوا أعمالهم دون معدات واقية، بما فيها الأقنعة الواقية من الانفجار أو السترات المضادة للرصاص.
أصيب موظفو إزالة الألغام أو قُتلوا أثناء عمليات التطهير. في فبراير/شباط، قال عامل في إزالة الألغام من فريق عسكري محلي إنه أصيب أثناء إزالته الألغام المضادة للمركبات المعدلة لتصبح مضادة للأفراد قرب مطار الحديدة:
وجدت العبوة الناسفة واكتشفتها. كان لغم مضادا للدبابات لكنه حُول إلى مضاد للأفراد. [كانت] خدعة. اكتشفته وأزلت الغبار. كان صديقي معي ينزع فتيله وكنت وراءه. (عندما انفجر) رماني 20 متر. كان لغما أرضيا، تم تصنيعه محليا، وتم تحويله إلى عبوة ناسفة. كان في أرض زراعية بجانب المطار.
في يناير/كانون الثاني، قُتل 5 موظفين أجانب لإزالة ألغام الأجانب في مشروع “مسام”، وهي مبادرة لإزالة الألغام للأغراض الإنسانية بتمويل سعودي، وأصيب آخر أثناء نقل الألغام والذخائر غير المنفجرة في محافظة مأرب.
قالت منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية إنه ينبغي لجميع وحدات إزالة الألغام تحسين التدريب وفرض بروتوكولات السلامة المتعلقة بالألغام الأرضية. يجب أن يفصح العاملون في إزالة الألغام للأغراض الإنسانية والعسكرية عن المعلومات المتعلقة بأنواع الألغام التي عُثر عليها ومواقعها وأنماط استخدامها. يجب أن يعكس التدريب ويعالج بدقة الأخطار التي سوف تواجهها فرق إزالة الألغام. يجب أن تحصل جميع الفرق على أحدث المعلومات والمعدات المناسبة.
وجدت منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية أدلة على مجموعة متنوعة من الألغام الأرضية. تشمل الألغام المضادة للأفراد من طراز “بي 2 إم كي 2” (P2 Mk 2) الباكستانية الصنع ذات المحتوى المعدني المنخفض، ما يصعّب اكتشافها بالأجهزة المعتادة للكشف عن المعادن المستخدمة في اليمن. هناك أيضا ألغام “في إس 1.6” VS-1.6)) إيطالية الصنع ضد المركبات، وهي غير مسجلة في مخزونات اليمن المعروفة ولم يُشَر إليها في التدريبات السابقة للمركز اليمني التنفيذي لمكافحة الألغام. بالإضافة إلى ذلك، جمعت منظمة حقوق الإنسان الأوربية العربية ووسائل إعلام محلية أدلة على الألغام المخفية كصخور وجذوع أشجار وغيرها من العبوات الناسفة التي تتطلب تدريبا خاصا لإزالة الألغام بأمان.
قال مدنيون أصيبوا في حوادث الألغام الأرضية، أو فروا من المناطق الملغمة، إن فرق إزالة الألغام زارت قراهم أو أحياءهم، لكن المناطق الملغمة لم يتم تحديدها دوما، وإن الناس فهموا خطأً أن مناطقهم آمنة. قالت بشرى، التي أصيبت حفيدتها بجروح خطيرة في انفجار لغم أرضي قرب منطقة الكيلو 16 في مدينة الحديدة:
بحثت الحكومة عن الألغام ووجدتها في منطقتنا. قالت إنها ألغام، (ولكن) قبل (الحادث) جاءت وقالت: ´هذه المنطقة خالية من الألغام´. عندما نخرج من المنزل، قد نرى أحيانا الألغام التي كانوا يجمعونها. يمكنك أن ترى أن هناك (ألغاما) صغيرة وكبيرة استخرجوها من الأرض… أخبرتنا عائلة أخرى من المنطقة أنه في نفس اليوم الذي وقع فيه (الحادث)، عثرت (وحدة إزالة الألغام) على 3 ألغام أرضية في تلك المنطقة.
قال عبد الله، الفتى ذو الـ 12 عاما الذي أصيب بلغم في الزهيري قرب المخاء، إن الفريق العسكري لإزالة الألغام التابع للميليشيات الموالية للحكومة والمدعومة من الإمارات والذي يعمل على طول الساحل الغربي، زار منطقة الزهيري في أكتوبر/تشرين الأول أو نوفمبر/تشرين الثاني 2018. قال عبد الله إن الفريق طهّر المنطقة المحيطة بمنزل ضابط عسكري محلي فقط. وأضاف أنهم “عثروا على 30 لغما في يوم واحد لكنهم لم يطهروا المنطقة بالكامل. لا يزال هناك كثير من الألغام والناس يموتون، والحيوانات… (هناك) كثير من الحوادث”.
قال حسين، الذي أصيب ابنه البالغ من العمر 15 عاما أثناء رعي الماشية قرب المخاء.
(قبل 4 أشهر) من حادث (ابني)، جاء شابان إلى المنطقة وأزالا كثيرا من الألغام، 300 في يوم. ثم قالا إن الأمر تم ولم يعد هناك… فكرت ´لقد انتهى الأمر، الحمد لله´. ثم جاءت لجنتان للنظر وفحص المنطقة. وضعوا علامات تشير إلى أنه يمكنك الذهاب إلى هنا وعدم الذهاب إلى هنا. لكن حتى الحيوانات لا تعرف كيف تتبع العلامات.
يجب ان يعرف الحوثيين انه لا مفر من عقاب القانون الدولي بسبب هذه الافعال وعلى الأمم المتحدة التحرك الفعلي لأنقاذ هذا البلد وشعبه ويجب وقف استخدام الأسلحة المحظورة، وتوسيع وتحسين إزالة الألغام في اليمن.