حقوق المرأة
المرأة مرآة المجتمع، فهي التي تَعكس مدى تقدّمه وتَطوّره ورُقيّه، وبقدر مراعاة المُجتمع لحُقوقِها ومُسانَدتها والاهتمام بتعليمها يَكونُ ارتقاؤه بأجيالِه؛ فحُقوقُ المرأة ليست مُجرّد قضيّةٍ إنسانيّةٍ بل قضيّةٌ وطنيّةٌ ترتَبط في مختلف المجالات الفكريّة، والسياسيّة، والاقتصادية. حقوق المرأة وفق المنظمات العالمية أقرّت المُنظّمات العالمية كالأمم المتحدة وغيرها من خلال عدّة اتفاقيّاتٍ مَجموعة من الحقوق للمرأة، وهي: حقوق المرأة الشخصية وفقاً للنظام الأوروبيّ فإنّ للنساء مجموعةً من الحقوق الشخصيّة التي يتمتّعن بها، منها.
- الحق في اختيار الديانة.
- الحق في العمل أو عدمه.
- الحق في تغيير الجنسية
- الحقّ في الاقتراض دون مُوافقة الزوج
- الحقّ في شغل الوظائف العامّة
الاسئلة الشائعة
للمرأة مَجموعةٌ من الحُقوقِ السياسيّة أقرّتها مُنظّمة الأمم المتّحدة خلال مؤتمر حقوق المرأة السياسيّة والذي أُقيم عام 1952م
1- المُشاركة في صناعة القرارات العامّة والسياسيّة.
2- المُساهمة في الاستفتاءات العامّة.
3- الانضمام للجمعيّات المعنيّة بالشؤون السياسية والعامّة.
4- امتلاك الكفاءة المؤهّلة للترشح للانتخابات في الهيئات التي يتمّ تشكيلها بالاقتراع.
5- المُساهمة في تشكيل سياسات الحكومة وتَطبيقها.
6- الحصول على مَنصبٍ في الوظائف العامة.
7- تولّي الوَظائف الحكوميّة على كافة المستويات.
8- المُساهمة في المنظّمات غير الحكوميّة.
حقوق المرأة العائلية خلال اتفاقية المرأة واتفاقية القَضاء على جميع أشكال التمييز ضدها،
1- تحديد السن الأدنى للزواج ومنع إتمام أي عقد للزواج قبل بلوغ أيٍّ من الطرفين لذلك السن، وذلك لتجنّب تعرض المرأة للأعباء الزوجية والمنزلية في سن مبكر.
2- موافقة المرأة على الزواج والرضا التام به، دون التعرّض للإكراه، أو التعذيب، أو العنف اللفظي، أو الجسدي.
3- إلزاميّة توثيق عقود الزواج لدى الجهات الرسميّة بهدف حفظ حقوق الزوجة، وإثبات نسب الأبناء.
4- الحقّ في إنهاء عقد الزواج إذا استحال استكمال الحياة الزوجية، واتّخاذ الإجراءات التي تضمن تساوي مسؤوليات وحقوق كلا الزوجين عند إنهاء العقد.
5- حق تحديد عدد الأطفال المُراد إنجابهم، والمسافة العمريّة بين كلّ طفل، والحصول على توعية وتثقيف كافٍ للتمكّن من مُمارسة هذه الحقوق.
6- اختيار العمل والمِهنة والحصول على المُمتلكات وإداراتها والتصرّف فيها.
7- الحق في الحفاظ على الجنسية وتغييرها أو اكتساب جنسيّةٍ جديدة، بالإضافة إلى الحقّ بالاحتفاظ بجنسيتها وعدم تغييرها في حال تغير جنسية الزوج.
8- تساوي حقوقها ومسؤولياتها مع الأب اتجاه الأبناء فيما يتعلّق بالوصاية، والولاية، وحماية الأطفال والعناية بهم، سواءً أكانت متزوّجة أم مطلّقة. قدرتها على منح جنسيّتها لأطفالها
1- القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة
2- المساواة في المَرافق الدراسية، والمناهج ، والامتحانات.
3- القُدرة على الحصول على مساعدات ومنح دراسية.
4- التقليل من ظاهرة ترك الدراسة، ومحاولة تقديم المُساعدات الدراسية للطالبات اللواتي تركن المدرسة مبكراً.
5- المشاركة في الألعاب الرياضية والبدنية.
1- إتاحة المجال لها بالاشتراك في الضمان الاجتماعي.
2- المساواة في المعاملة والأجر وتقييم العمل.
3- عدم الفصل من العمل بسبب الحمل أو إجازة الأمومة.
4- الحصول على بيئة عملٍ سليمةٍ وصحيّة، ومراعاة صحتها الإنجابية.
5- اعتماد نظام إجازة الأمومة مدفوعة الراتب ودون فقدان العلاوات الاجتماعية.
6- حماية المرأة من الأعمال المؤذية لها خلال فترة الحمل.
حثّ الإسلام على التعليم ودعا إليه، فقد ورد عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال:(طلبُ العلمِ فريضةٌ على كلِّ مسلمٍ) وفي الخطاب الإسلامي دعوةٌ لكلٍ من الذكور والإناث على حد سواء، وحرص الدين الإسلامي على تعليم المرأة بوجه خاص؛ فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال:(أيما رجلٍ كانتْ عندَه وليدةٌ، فعلَّمها فأحسنَ تعليمَها، وأدَّبها فأحسنَ تأديبَها، ثم أعتَقها وتزوَّجها فله أجرانِ) كما ورد في السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي ذكر العديد من الصحابيات اللواتي برعن في الطبّ والعلوم والفقه والحديث ورواية الشعر. حق المرأة في العمل حرص الإسلام في عدّة مواضع على التأكيد بأنّ وظيفة المرأة الأولى هي تربية الأجيال، ولكنّه لم يَحرمها من حقّها في العمل وكسب الرزق، قال الله تعالى :(وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) ولكن حُدّدت بعض الضوابط لعملها بما يَتناسب مع أنوثتها وطبيعتها الجسمانية، وبما يكون بعيداً عن المحرّمات.
1- كانت المرأة في الجاهلية تورّث ولا ترث، وبمجيء الإسلام أصبح لها حق في الميراث، قال تعالى:(لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ ۚ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا)
2- ترث المرأة نصف ما يرثه الرجل في أربع حالات، بينما قد ترث مثله أو أكثر منه في عشرات الحالات الأخرى، والحكمة من جعل نصيب الرجل أكثر من نصيب المرأة في بعض الحالات أنّ الإسلام ألزم الرجل بالنفقة وتقديم المهر، فيُصبح من العدالة أن يكون نصيبه من الميراث أكبر بما يُعينه على أداء واجباته.
1- أقرّ الإسلام للمرأة حقّها في اختيار شريك حياتها؛ فقال عليه الصلاة والسلام:(لا تُنكَحُ الأيِّمُ حتى تُستأمَرَ، ولا تُنكَحُ البكرُ حتى تُستأذَن. قالوا: يا رسولَ الله، وكيف إذنُها؟ قال: [أن تسكُتَ])
وجعل لها على زوجها عدة واجبات كالمهر، والعشرة بالمعروف، والنفقة، والعدل بين زوجاته إن كان له أكثر من زوجة،
2- جعل الإسلام لها الحقّ في طلب الطلاق إن لم تستطع الاستمرار في حياتها مع زوجها.
شرع الإسلام للمرأة حقّ التصرّف والمُشاركة الاقتصادية والمالية؛ كالبيع، والشراء، و الزكاة، والملكيّة بشكلٍ منفصل عن زوجها، إذ لا يحقّ له التدخّل في كيفية تصرفها بأموالها.
عانت المرأة في الجاهليّة ظلماً وبأساً شديدين واعتداءً من أولياء أمورها دون مبرّرٍ لذلك، وظلّت على ذلك الحال المتردّي حتى جاء الإسلام وحرّرها من كلّ ألوان العبوديّة والذلّ الذي تعرّضت إليه، حيث كان العرب في الجاهليّة منذ أول لحظةٍ يعلمون فيها أنّهم رُزقوا بمولودةٍ أنثى يبدأ سخطهم وشرّهم نحوها، ووصف الله -تعالى- ذلك وصفاً دقيقاً في القرآن الكريم؛ حيث قال: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ*يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُون) فكان الرجل في الجاهليّة فور سماعه خبر مولودةٍ أنثى يشعر بالخيبة والسوء خشية العار وغير ذلك، ثمّ يدفنها حيّةً خشية أن يلحق به أي مكروه بسببها، فتُحرم الفتاة أبسط حقوقها وهو حقّ الحياة.فقد كانت المرأة في الجاهليّة كذلك تُمسَك ضراراً للاعتداء عليها من زوجها، بحيث إنّها لا تعدّ مطلّقة لتصبح سيّدة نفسها، ولا تعدّ متزوّجة سعيدة بالعائلة التي تعيش معها، ومن صور الظّلم أيضاً أنّ المرأة كانت تُعدّ متاعاً كأيّ متاعٍ آخر موجود في المنزل، فكان زوجها يُقامِرُ فيها، فيخسرها إذا خسر الرهان، وكانت المرأة إذا توفّي زوجها تورّث إلى الابن الأكبر لزوجها، كما أنّها محرومة من أيّ إرثٍ، وعانت الزّوجة في طلاقها كما عانت في زواجها أيّام الجاهليّة، ثمّ جاء الإسلام ليبيّن منزلة المرأة في المجتمع ويرفع من شأنها ويعطيها حقوقها المشروعة، وفيما يأتي تفصيل حقوق ومكانة المرأة في الإسلام. حقوقُ المرأة في الإسلام جاء الإسلام على أساس العدل بين الناس، ومن ذلك عدْل الدّين بين الرجال والنساء في مختلف مناحي الحياة، فكانت واجباتهم وحسابهم أمام الله -تعالى- بشكلٍ متساوي لا تمييز فيه، حيث قال الله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) وأكّد الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- ذلك بقوله: (إنَّما هنَّ شقائقُ الرِّجالِ) والمقصود من الحديث السابق مساواة الرجل بالمرأة في الأحكام الشرعيّة أمام الله -تعالى- إلّا في أحكامٍ محدّدةٍ بسبب بعض الفوارق في طبيعة الذكر واختلافه عن الأنثى،وكفل الإسلام للمرأة حقوقها وعرّفها إيّاها، منها ضَمِن الإسلام للمرأة إشباع غريزتها بالزواج إذا طلبت ذلك، وعدم منعها من ذلك إذا كانت قادرةً على أداء واجباتها كما هو مطلوب منها. شرع الإسلام للزّوجة أن تفسخ عقد زواجها من زوجها إذا لم يستطع أداء حقوقها أو تسبّب في أضرارٍ لها وأرادت الانفصال عنه. شرع الإسلام حريّة الكسب الحلال للمرأة سواءً أكانت تجارةً أم غير ذلك من طرق كسب الأموال. ضَمِن الإسلام للمرأة حريّة التصرّف في مالها الخاصّ، حيث حرّم على أيّ أحد سواءً أكان زوجها أو والدها أن جبرها على الإنفاق في حاجةٍ معيّنة أو منعها من الإنفاق في حاجةٍ كهديّةٍ أو بيعٍ أو غير ذلك. ضَمِن الإسلام للمرأة حقّها في اختيار الزوج الذي ترتضيه لها، ولا يجوز لأحدٍ إجبارها على الزواج من رجلٍ لا ترغب بالارتباط به، وفي حال أجبر الوليّ الفتاة البِكْر أو الثيّب أن تتزوج من رجلٍ لا تريده، فلها أن تفسخ العقد ويتحمّل الوليّ تكاليف الفسخ. صان الإسلام كرامة المرأة وهيبتها في نفوس من حولها، فحرّم عليها الابتذال والسّماح للأجنبي أن يستمتع بجسدها، وقد شرّع لذلك المُباعدة بين الرجال والنساء في كلّ شيء وحتى في أداء العِبادات، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (خيرُ صفوفِ الرجالِ أولُها، وشرُّها آخرُها، وخيرُ صفوفِ النساءِ آخرُها، وشرُّها أولُها). وذلك توجيهاً من الإسلام للمباعدة بين صفوف الرجال والنساء خلال الصلاة. ضَمِن الإسلام للمرأة حقّ المأكل والمشرب والملبس والسّكن، ويعود ذلك بحسب العادات في المجتمعات، وغالباً ما تكون نفقة الفتاة على والدها، أمّا نفقة المرأة المتزوّجة تكون على زوجها. جعل الإسلام للأرامل والعجائز من النساء حقّاً في بيت مال المُسلمين، فيُنفق عليهنّ منه ولا يُتركن يتكفّفن الناس وينتظرن الصدقات. راعى الإسلام ظروف المرأة الخاصّة؛ حيث إنّه خفّف عنها بعض التكاليف كالنّفقة، وأسقط عنها بعضها كالجهاد، وأسقط عنها بعض الفرائض بشكلٍ مؤقتٍ فترة الحيض والنفاس، كالصّلاة والصيام.
إن الإسلامَ يخاطب الرجال والنساء على السواء ويعاملهم بطريقةٍ شبه متساويةٍ، وتهدفُ الشريعةُ الإسلاميةُ بشكلٍ عامٍ إلى غايةٍ متميزةٍ هي الحمايةُ، ويقدم التشريع للمرأة تعريفات دقيقة عما لها من حقوق ويُبدي اهتماماً شديداً بضمانها، فالقرآنُ والسنةُ يحُضَّان على معاملة المرأة بعدلٍ ورِفقٍ وعَطفٍ. مما لا ريب فيه أن الإسلام رفعَ شأن المرأة في بلاد العرب وحَسَّنَ حالها، بل إن النبي – صلى الله عليه وسلم – أوصى الزوجات بطاعة أزواجهن، وقد أمر بالرفق بهن، ونهي عن تزويج الفتيات كُرهاً وعن أكل أموالهن، ولم يكن للنساء نصيبٌ في المواريث أيام الجاهلية، بل إنَّ الرجل كان إذا بشَّره أهله ببنتٍ اسودَّ وجهُهُ، وقد حكى القرآن ذلك فقال سبحانه وتعالى: ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ *يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ ومن صور تكريمها أيضاً قد نزلت سورة خاصة بهنَّ تسمى سورة النساء توضح فيها أحكام المواريث، وكيفية معاملة المرأة في حال نشوزها فقال عز وجل. ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ﴾ فقد بيَّن الله تعالى صفة المرأة الصالحة في هذه الآية، والمرأة التي في حال نشوزها بأن يعاملها الرجل بتدرج لطيفٍ رحيمٍ بالمرأة، حيث بدأ بالموعظة لها، ثم بهجرها في المضاجع، ثم في المرحلة القصوى بضربها بشرط أن يكون ضرباً غير مبرحٍ، وهذا يعدُّ من التكريم العظيم للمرأة من قِبَل الله الخالق الرحمن الرحيم. ومن تكريمها أيضاً مساواة المرأة بالرجل في تعدد ألفاظ كل منهما في هذه السورة، وقد بيَّن الله تعالى فيها أحكام المواريث، ووعد فيها بالعقاب لمن خالف حدوده فيها، وجعل هذا التقسيم خاصاً به سبحانه وتعالى، فقال عز وجل: ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ ولا شك أنَّ الإسلام أمر بحُسن معاشرة الزوجة، وقد أباح للزوج مفارقة زوجته رغم أنَّه بغض الطلاق، فقال عز وجل ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ وقد انتهت هذه السورة المباركة أيضاً بتفصيلٍ بديعٍ لمن مات وليس له ولد فيما يسمى بالكلالة، أن يرثه مَن تبقَّى من أهله بالعدل والإنصاف دون ظُلمٍ أو جَورٍ للحقوق، فقال عز وجل: ﴿ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ وفي الجاهلية كانوا يقتلون البنات وهنَّ أحياء، ولمَّا جاء الإسلام حثَّ على تحريم وَأْد البنات، فقال عز وجل: ﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾ وأمر بمعاملة النساء والأيتام بالعدل، وقد حرَّم الله تعالى فيما يسمى بزواج غير شرعي، وحَمْل الإماء على البغاء فيما سمَّاه القرآن الكريم، فقال عز وجل ﴿ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ وذلك حرصاً على سلامة المرأة من المخاطر التي تتعرض لها في شخصها، والفتك بالمجتمع إذا سلكت هذا السبيل الذي نهي عنه ربنا، ونهي عنه نبيُّنا -صلى الله عليه وسلم.
ومنها.
1- تجلّى تكريم الإسلام للمرأة وتقدير حالها وظروفها في العديد من الأمور.
2- جعل الإسلام للمرأة مهراً، حيث إنّها تأخذه كاملاً بمجرّد الخلوة بها،
2- حرّم الأخذ منه إلّا بطيب نفسٍ منها،
3- جعل للمرأة الحقّ بأن ترث زوجها بمجرّد العقد عليها فقط.
4- جعل الإسلام للمرأة نصيباً من الميراث. حيث إنّها قد ترث من أبيها أو من أخيها أو من زوجها أو من ولدها، بالرّغم من أنّها لا تنفق على أحدٍ منهم.
5- جعل الإسلام تغسيل المرأة وتكفينها على زوجها أو على النساء؛ مراعاةً لحُرمتِها وعفّتها.
6- حرّم الإسلام نكاح المرأة دون وليٍّ و شهود حتى لا تُتّهم في عِرضها.
7- جعل الإسلام حدّ من قذف امرأة بغير دليلٍ الجلد ثمانين جلدة.وذلك لردع أيّ اتّهامٍ دون بيّنة.
8- جعل الإسلام مَن يُقتل في سبيل الدفاع عن عِرضه شهيداً.تكريماً للمرأة ورفعاً لمكانتها.
9- أسقط الإسلام فريضة الحجّ عن المرأة إذا لم يكن معها مُحرم يُعينها على قضاء حاجاتها.
10- أسقط الإسلام عن المرأة صلاة الجُمع والجماعات؛ تخفيفاً عنها بسبب كثرة أعبائها في بيتها ومع أطفالها.
لا شك أنَّ في النساء صورةٌ من صور الضعف، وهو ليس ضعفًا مذمومًا، فإنه من جانبٍ ليس مقصودًا منهن، ومن جانبٍ آخر محمود مرغوب، فأما الجانب غير المقصود فهو ضعف البِنيةِ والجِسم، وهذه لا حيلة لهنَّ فيها، فلا يلومهنَّ أحدٌ عليها، وأما الجانب المحمود فهو في ضعف القلب والعاطفة، بمعنى رقََّة المشاعر، وهدوء الطباع، وهو لا شكَّ أمرٌ محمودٌ في النساء، وكلما زاد – دون إفراط أو تفريطٍ – كان ألطفَ وأجملَ.
كان الرسول – صلى الله عليه وسلم – يُقَدِّر هذا الضعف في النساء، ويحرص على حمايتهنَّ من الأذى الجسدي أو المعنوي، ويُظهِر رحمته بهنَّ بأكثر من طريقةٍ، وفي أكثر من موقفٍ وكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – دائمَ الوصية بالنساء، وكان يقول لأصحابه ( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ) ، وتكررت منه نفس النصيحة في حجة الوداع، وهو يخاطب أمته، وكان يوقن أنَّ هذه الوصية من الأهمية بمكانٍ حتى يُفردَ لها جزءًا خاصًا من خطبته في هذا اليوم العظيم، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم ( وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ) فإنهن خُلقنَ من ضِلَعٍ، وإنَّ أعوجَ شئٍ في الضلَع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزلْ أعوج، فاستوصوا بالنساء خيراً. ويوضح رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في جملة بلاغية أنَّ النساء يُماثِلن الرجال في القدر والمكانة، ولا ينتقص منهن أبداً كونُهنَّ نساء، فيقول – صلى الله عليه وسلم -: [ إِنَّما النِّسَاءَ شَقَائِقُ الرِّجَالِ. في هذا العصر الذي تكالبت فيه قوى الظلم والبغي والعدوان للنيل من رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، نجد الدعوات الصارخة من الحاقدين الحاسدين على الإسلام، والجاهلين بأخلاقياته وآدابه، لمساواة المرأة بالرجل في الحقوق والواجبات دون تفضيل، بل وتمييز المرأة أحياناً بأمور كثيرة عن الرجل، وذلك بدعوى أنهم في القرن الحادي والعشرين، يريدون أن يتقدموا بمثل هذه الأساليب البعيدة عن الإسلام وقيَمِه ومبادئهِ وتعاليمه، وكذبوا ظناً منهم بأنَّ النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – كان منذ أربعة عشر قرناً، فالحضارة الآن في نظرهم هي. التقدم والرقي ومحاكاة الغرب في جميع أفعالهم وأحوالهم، يريدون بالمرأة أن تخرج من خِدْرها، كي تلتهمها الذئابُ البشرية، وهم أول من يريدون التهامها، والهتكَ بعِرْضها، ولكن هيهات هيهات، وأين الثرى من الثريا، فقد جاء الإسلام الحنيف محافظاً على المرأة، آمراً إياها أن تلتزم بيتها، وإنْ خرجت تخرج في إطار ما سمح لها به الشرع، فقال الله تعالى: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرً ﴾ كما جاء الإسلامُ كذلك ناصراً للمرأة في كل أحوالها وأعمارها، فقد كرمها الإسلام أُماً، وكرمها زوجاً، وكرمها طفلةً، غير أن الذي يُلفتُ النظرَ بصورة أكبر في رحمة النبي – صلى الله عليه وسلم – بالنساء هو جانب التطبيق العملي في حياته – صلى الله عليه وسلم -، فلم تكن هذه الكلماتُ الرائعة مجردَ تسكينٍ لعاطفة النساء، أو تجمُّلٍ لا حقيقةَ له، بل كانت هذه الكلمات تُمارَس كلَّ يومٍ وكلَّ لحظةٍ في بيته – صلى الله عليه وسلم – وفي بيوت أصحابه رضوان الله عليهم. فبهذه الصورة الميسرة حول تكريم الإسلام للمرأة، يتحدى كلُّ مسلمٍ موحدٍ بالله تعالى العالمَ أجمع أن يأتي لنا بموقفٍ من حياة رسول الله – صلى الله عليه وسلم آذى فيه امرأةً أو شقَّ عليها، سواء من زوجاته أو من نساء المسلمين، بل من نساء المشركين، ويكفي أن نتأمَّلَ بعضَ مواقفه – صلى الله عليه وسلم – مع النساء؛ لندرك مدى رحمته – صلى الله عليه وسلم – بهنَّ. اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى النبي – صلى الله عليه وسلم – فَسَمِعَ صَوْتَ عَائِشَةَ رضي الله عنها – ابنته- عَالِيًا، فَلَمَّا دَخَلَ تَنَاوَلَهَا لِيَلْطِمَهَا، وَقَالَ أَلا أَرَاكِ تَرْفَعِينَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم –، فَجَعَلَ النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – يَحْجِزُهُ وَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُغْضَبًا، فَقَالَ النبي – صلى الله عليه وسلم – حِينَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ: كَيْفَ رَأَيْتِنِي أَنْقَذْتُكِ مِنْ الرجُلِ ؟، قَالَ: فَمَكَثَ أَبُو بَكْرٍ أَيامًا ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَوَجَدَهُمَا قَدْ اصْطَلَحَا فَقَالَ لَهُمَا: أَدْخِلانِي في سِلْمِكُمَا كَمَا أَدْخَلْتُمَانِي في حَرْبِكُمَا فَقَالَ النبي: قَدْ فَعَلْنَا قَدْ فَعَلْنَا. فرحمة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – هنا قد فاقت رحمة الأب، فأبو عائشة رضي الله عنها – هو أبو بكر الصديق- أراد أن يعاقبها على خطئها، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم – لرحمته بها حجز عنها أباها! وأحيانًا تخطئ زوجته – صلى الله عليه وسلم -: خطأً كبيرًا، ويكون هذا الخطأ أمام الناس، وقد يسبب ذلك الإحراج له، ومع ذلك فمن رحمته يُقدِّر موقفها، ويرحم ضعفها، ويعذر غيرتها، ولا ينفعل أو يتجاوز، إنما يتساهل ويعفو.فقد روى أنس رضي الله عنه أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم كان عِنْدَ بعْض نسائِهِ: فَأَرْسَلَتْ إحدى أمَّهات المؤمنين مع خادِمٍ بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتْ بيَدها فَكَسَرَتِ الْقَصْعَةَ فَضَمَّها وجَعَلَ فِيهَا الطَّعَامَ، وَقالَ:كُلُوا، وحبسَ الرسولَ والقصْعةَ حتى فَرَغوا، فدَفعَ القَصْعةَ الصحيحةَ وحبسَ الْمَكْسُورَةَ.لقد أخذ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – هذا الموقف ببساطة، وجمع الطعام من على الأرض، وقال لضيوفه: كلوا، وقد عللَّ غضب زوجته بالغيرة في بعض الروايات الأخرى، فقال. غارتْ أمُّكم، ولم ينسَ أن يرفع قدرها. فأيُّ رحمة هذه التي كانت في قلبه- صلى الله عليه وسلم .
لقد كرَّم الإسلام المرأة بكونها أُماً بأنْ أوصى الأبناء بحُسْن معاملة الآباء، وخاصةً الأم، فقد صوَّر القرآن الكريم هذا الأمر في تصويرٍ بليغٍ ومُعجزٍ في أكثر من موضعٍ، فقال الله تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾ وقال تعالى في الموضع الثاني: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ وقال تعالى في الموضع الثالث: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾ وقال تعالى في الموضع الأخير ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ ﴾ وقد ورد في سنة النبي – صلى الله عليه وسلم – ما يُعَضِّدُ ذلك، [ فقد جاء رجلٌ إلى رسولِ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – فقال: يا رسولَ اللهِ، مَنْ أحقُّ الناسِ بحُسنِ صَحابتي ؟ قال: أُمُّك، قال: ثم مَن ؟ قال: ثم أُمُّك، قال: ثم مَنْ ؟ قال: ثم أُمُّك، قال: ثم مَن ؟ قال: ثم أبوك . فقد أوصى النبي – صلى الله عليه وسلم – بالأم ثلاث مراتٍ، لِما لها من تكريمٍ ومكانةٍ عظيمة، ورفعةً لشأنها، فما كُرمَتْ المرأةُ في أي شريعةٍ سوى شريعة الإسلام.
ومما يمكن أن يُذكر في هذا الموضع ما أوصى به رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في حجة الوداع، إذ أوصى بالنساء، فقال. فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهنَّ بأمانة الله واستحللتم فروجهنَّ بكلمة الله .وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: [ إِنَّما النِّسَاءَ شَقَائِقُ الرِّجَالِ. فقد جعلها الإسلام شقيقةً للرجل في كل أحواله وأفعاله، تشترك معه في تربية الأولاد، وتعمل على خدمتهم، واستقرار بيتهم، وباستقرار البيت بالزوجين يخرج بيتاً طيباً على الهدى النبوي، يساهم هذا البيت في بناء المجتمع، لذا يمكن أن يقال أنَّها نصف المجتمع، بل أكثر من نصفه، فالمرأةُ هي الأم، والزوجة، والبنت، والأخت.
لمَّا جاء النبي – صلى الله عليه وسلم – كرَّم الطفلة، وجعل لها حقوقاً وعليها واجبات، وحذَّر من قضية وأد البنات التي كانت منتشرةً في الجاهلية، فمنذ ظهر نور الإسلام إذ نزل القرآن الكريم متعجباً من هذه القضية، ومن عدم توريث البنات الذي نراه الآن في مجتمعاتنا المعاصرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: [ دخلتْ امرأةٌ معها ابنتانِ لها تسأَلُ، فلم تجدْ عندي شيئًا غيرَ تمرةٍ، فأَعطيتُهَا إيَّاها، فَقَسَمَتْهَا بينَ ابنتيْها، ولم تأكُلْ منها، ثم قامتْ فخرجتْ، فدخلَ النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – علينا فأخبرتُهُ، فقال: من ابْتُلِىَ من هذهِ البناتِ بشيءٍ كُنَّ لهُ سِترًا من النارِ
لقد رفع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قدر الذي يرعى شئون الأرملة إلى درجة لا يتخيلها أحد، ومن أفضل ما يمكن ذكره هنا قول النبي – صلى الله عليه وسلم -: [ السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ في سَبِيلِ اللَّهِ أَو الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ. فأيُّ فضلٍ وأيُّ عظمة هذه، ليس هذا إلا تكريماً وحفاظا على المرأة، فهي كالجوهرة في الإسلام، حيث يدافعُ عنها بكل قوةٍ وشجاعةٍ.
إنَّ هناك ما هو أعجب من ذلك، وهو رحمته – صلى الله عليه وسلم – بالإِمَاء، وهُنَّ الرقيق من النساء، فقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه إذ قال: [ إِنْ كَانَتْ الأَمَةُ مِنْ إِمَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ. والتعبير بأخذ اليد إشارة إلى غاية التصرف، حتى لو كانت حاجتها خارج المدينة، والتمست منه مساعدتها على ذلك، وهذا دالٌ على مزيد تواضعه وبراءته من جميع أنواع الكِبْرِ.
اهتمت الشريعة الإسلامية اهتماماً بالمرأة، وبمكانتها في المجتمع، منذ ميلادها وحتى وفاتها، بل وبعد وفاتها، حيث الجزاء ثواباً وعقاباً حسب عملها. فقد عرض القرآن الكريم الكثير من شؤون المرأة، فيما يزيد على عشر سور من القرآن الكريم، منها سورتان عرفت إحداهما بسورة (النساء الكبرى) وعرفت الأخرى بسورة (النساء الصغرى) وهي (سورة الطلاق)، كما نزلت (سورة مريم) تحمل اسم امرأة طاهرة اصطفاها الله تعالى على نساء العالمين، كما ذكرت مريم في أكثر من ثلاثين موقعاً في القرآن الكريم. كذلك عرض للمرأة في سور: البقرة، والنور، والأحزاب، والمجادلة، والممتحنة، والتحريم. وبعد امتهان المرأة في المجتمع العربي وبعض المجتمعات الأخرى، حيث كانت غير مرغوب فيها، نزل القرآن الكريم بآياته الشريفة ليكرم المرأة في كل موقف من مواقف حياتها. فيستنكر القرآن الكريم وأد أهل الجهالة الوليدة البريئة. كذلك منع وأد الاولاد ذكورا وإناثاً، خشية الفقر أو من الفقر، في قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ﴾ ويقول تعالى: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا ﴾ لذا، فقد أنصفت الشريعة الإسلامية المرأة في أمور كثيرة في القرآن الكريم، بعد منحها حق الحياة منها المساواة بين الرجل والمرأة في الثواب والعقاب: ساوى الله جل وعلا بين الذكر والأنثى في العمل والجزاء، هذا المجتمع الذي كان يفضل الرجل على المرأة- أيما تفضيل- وجعل سبحانه وتعالى التقوى مقياس الجزاء؛ يقول جل وعلا للبشر كافة: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ ولأن الرجل والمرأة خلقا من نفس واحدة، فقد جعل الله التقوى هي مقياس التفاضل، يقول تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ لذا فقد بشر الله تعالى المؤمنين، الذين يتفكرون في خلق السموات والأرض ويدعون الله، بالغفران والوقاية من النار، ويأتيهم ما وعدهم على لسان رسله بقوله تعالى: ﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ﴾ ليعرف كيف سما القرآن بالمرأة حتى جعلها بعضاً من الرجل، وكيف حد من طغيان الرجل فجعله بعضاً من المرأة، وليس في الإمكان ما يؤدي به معنى المساواة أوضح ولا أسهل من هذه الكلمة التي تفيض بها طبيعة الرجل والمرأة.
فالحياة لا تستقيم إلا بتكاتف الرجل والمرأة معاً، كل في دائرة اختصاصه، وكل يكمل بعضه بعضاً.ويؤكد هذا المعنى قول الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴾ لذلك فقد جعل الله تعالى أجر المرأة منفصلا عن زوجها حتى ولو كانت زوجة نبي أو زوجة كافر وبذلك كان لكل من المرأة والرجل حساب خاص حسب عمله، وهذا تكريم عظيم للمرأة. لذلك كان لإيمان الرجل والمرأة نور يوم القيامة، وعن عناية الإسلام بالمرأة، ومكانتها في الإسلام لم تحظ أي امرأة بهذه المكانة في أي تشريع سابق أو لاحق على الإسلام برغم ما يزعمه البعض من أن الإسلام اهتضم حقوق المرأة،